أزمة الأدوية في لبنان: مواطنون يلجؤون للتخزين وصيادلة يعتمدون نظام "الحصص"

23 مايو 2021
اختفاء الكثير من الأدوية وسط أزمة الدولار (حسين بيضون)
+ الخط -

يعاني اللبنانيون من انقطاعٍ ونقصٍ يطاول أصنافاً كثيرة من الأدوية، خصوصاً المتعلقة بالأمراض المزمنة لأسباب عدّة، أبرزها التخزين في المستودعات لبيعها بأسعارٍ أعلى عند رفع الدعم عنها وتحكّم الشركات المستوردة في التوزيع، إضافة إلى أزمة الدولار وفتح الاعتمادات، وقلق الناس المستمر الذي يُترجَم بشراءِ كمياتٍ كبيرة لحفظها في المنزل تحسباً للأيام القادمة.

إزاء هذه الوقائع، عمدت بعض الصيدليات إلى اعتماد إجراءات للبيع، بهدف الحفاظ عليها وتفادياً لانقطاعها بشكل كامل، إذ يُمنَع على الزبون شراء أكثر من علبةٍ واحدةٍ، علماً أنّ هذه التدابير لم تكن رادعة فكان المواطن يتنقل بين صيدلية وأخرى لشراء أكثر من علبة خوفاً من انقطاعها لاحقاً، خصوصاً عندما يجد صعوبة في إيجادها من الأساس، وأحياناً يلجأ إلى وسائل التواصل الاجتماعي طالباً المساعدة في الحصول على الدواء الذي يتناوله أو يحتاج إليه أحد أفراد عائلته، وفق مواطنين تحدثوا مع "العربي الجديد".

في السياق، زادت وزارة الصحة من حملات دهم المستودعات لضبط عمليات التخزين، ولا سيما أن صرخات المواطنين بدأت تعلو من عدم قدرتهم على شراء أدوية يجب تناولها بانتظام وبشكل يومي، وإلا يصبحون عرضة لمضاعفات ولمخاطر صحية، وسط تأكيد من وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال، حمد حسن، أن مصرف لبنان لن يرفع الدعم عن الدواء.

في السياق، أصدر البنك المركزي بياناً يوم الجمعة الماضي، أعلن فيه أنه "خلال عام 2020 باع عملات أجنبية للمصارف التي تقدمت بملفات استيراد أدوية ومستلزمات طبية وحليب رضع ومواد أولية للصناعة الدوائية، وذلك بسعر الصرف الرسمي بما يعادل 1173 مليون دولار".

وأضاف أنه "منذ بداية العام 2021 وحتى مايو/أيار الجاري، باع (المصرف المركزي) عملات أجنبية للمصارف التي قدمت ملفات استيراد المواد الطبية المتنوعة بما يعادل 485 مليون دولار، ولدينا حالياً ملفات استيراد قيد الدرس بقيمة 535 مليوناً، وقد تسلمنا خلال عشرة أيام 507 طلبات للموافقة بقيمة إجمالية تساوي 212 مليوناً، ما يرفع الفاتورة الطبية التي يتحمّلها مصرف لبنان وحتى 20 مايو/ أيار إلى 1.23 مليار دولار، وهذا يتخطى كامل المبالغ التي بيعت خلال العام 2020 لهذا الغرض".

وأشار البيان إلى أنه عُقد اجتماع ضم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ووزير الصحة حمد حسن، ورئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي، وتم التوافق على أن تتولى لجنة خاصة من وزارة الصحة التدقيق في ملفات استيراد الأدوية المقدمة للمصرف، والتحقق من حاجة السوق إليها وتصنيفها حسب الأكثر إلحاحاً وأهمية.

من جهته، قال عراجي إنه "تم الاتفاق على استمرار دعم أدوية الأمراض المزمنة والسرطانية والمستعصية، وستستمع لجنة الصحة النيابية يوم الاثنين المقبل إلى وزارة الصحة ومصرف لبنان ومستوردي ومصنعي الأدوية ونقابة الصيادلة لبيان سبب انقطاع الأدوية والمعالجة السريعة لهذا الوضع".

على صعيد آخر، يستمرّ سعر صرف الدولار في السوق السوداء بتسجيل مستوياتٍ مرتفعة تلامس عتبة الـ13 ألف ليرة لبنانية للدولار الواحد، من دون أن يتمكن المصرف المركزي من لجمها، رغم إعلانه الخميس الماضي عن إجراءات لاعتماد سعر صرف جديد بـ12 ألف ليرة للدولار.

وفق حاكم مصرف لبنان، فإن البنك سيقوم بعمليات بيع للدولار للمصارف المشاركة على منصة "صيرفة" بسعر 12 ألف ليرة للدولار. بينما يتراوح سعر صرف الدولار بين 12800 و12900 ليرة، في حين ما يزال سعر 3900 ليرة معتمداً لمن يرغب في سحب مبلغ مالي من ودائعه الدولارية في المصارف التجارية.

ويرى خبراء اقتصاد أن هذه المنصة لن تؤدي إلى انخفاض سعر صرف العملة الأميركية في السوق السوداء حتى مع اعتماد مصرف لبنان تسعيرة 12 ألف ليرة للدولار، متوقعين ارتفاع سعر العملة الأجنبية في ظل غياب الاستقرار السياسي والأزمة المالية الطاحنة.

ويرجح كثيرون فشل المنصة في ظل تأخر تشكيل الحكومة وتوقف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وعدم وجود أي برنامج إصلاحي شفاف يضع حداً للانهيار المالي والفساد، ويعيد ثقة المجتمع الدولي في لبنان، ودعمه المالي والنقدي للنهوض بالبلاد اقتصادياً.

وكان يجري تداول العملة اللبنانية بحرية في البنوك والمتاجر وأماكن أخرى عند 1500 ليرة مقابل الدولار، قبل أن تضرب الاقتصاد أزمة ديون في أواخر عام 2019. ومنذ ذلك الحين، انخفض سعر الصرف بنحو عشرة أضعاف. وأسقطت الأزمة شريحة واسعة من المواطنين في براثن الفقر والبطالة.

ويواجه اللبنانيون، وكثيرون منهم يمتلكون مدخرات في حسابات دولارية، قيودا في الحصول على العملات الأجنبية، إلى جانب قيود على كل من عمليات السحب والسعر المعروض بالمصارف.

وفي إطار الغلاء المستمرّ، أعلنت إدارة الإحصاء المركزي في رئاسة مجلس الوزراء، الجمعة الماضي، أن الرقم القياسي لأسعار الاستهلاك (التضخم) ارتفع على أساس شهري في إبريل/نيسان الماضي بنسبة 7.76% عن مارس/آذار، بينما قفز على أساس سنوي بنسبة 121.66% مقارنة بإبريل/ نيسان 2020، كما بلغ تضخم أسعار الاستهلاك خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري 25.6%.

المساهمون