يواصل المركز الروسي للتصدير (REC)، وهو مؤسسة حكومية مكونة من مجموعة من الشركات التي توفر للمصدرين حزماً واسعة من تدابير الدعم المالي وغير المالي، العمل على تطوير شراكة روسيا مع الدول الأفريقية، معتبراً هذه المنطقة إحدى الأولويات لتوسيع علاقات بلاده التجارية والاقتصادية، حسب ما أفاد به مسؤولوه.
وخلال جلسة بعنوان "اتجاهات وآفاق التعاون التجاري والاقتصادي" عُقدت في إطار المؤتمر الوزاري الأول لمنتدى الشراكة "روسيا - أفريقيا"، ونقلته وكالة الأنباء الروسية "ريا نوفوستي" يوم السبت، أعلن أنتون تسيتسينوفسكي، مدير التعاون الدولي والتطوير في المركز الروسي للتصدير، أن حجم التبادل التجاري بين روسيا والدول الأفريقية شهد زيادة بنسبة 22.6% خلال النصف الأول من العام الحالي مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي. وأكد تسيتسينوفسكي أن حجم التجارة السنوي بين روسيا وأفريقيا تجاوز 20 مليار دولار، تُشكل الصادرات الروسية نحو 86% منها.
وأشار تسيتسينوفسكي إلى أن هناك اهتماماً متزايداً من الشركات الروسية لتعزيز التعاون مع الشركاء في القارة الأفريقية، إلا أنه أقر بوجود بعض العقبات التي تعيق تحقيق الإمكانيات الكاملة للتجارة. وأوضح أن "أحد أكبر التحديات هو نقص المعرفة حول كيفية العمل في السوق الأفريقية، حيث تواجه العديد من الشركات خسائر مالية بسبب الانطباعات الخاطئة، مما يؤدي إلى تراجع الثقة في التعاون مع الشركاء الأفارقة".
ووفقاً لوكالة الأنباء الروسية، فإن المركز الروسي للتصدير يعمل على تجاوز هذه العقبات من خلال توفير معلومات دقيقة حول السوق الأفريقية، بما في ذلك التشريعات والممارسات التجارية والخصائص الثقافية. وشدد تسيتسينوفسكي على أهمية تحسين الروابط اللوجستية وتسهيل المدفوعات المالية، مشيراً إلى أن المركز يولي اهتماماً خاصاً للمشروعات الواعدة مثل بناء خطوط الأنابيب، وتوريد المعدات الزراعية، والسيارات، ومشاريع الطاقة، واستغلال الموارد المعدنية. وتُعقد حالياً اتصالات نشطة في مجال الخدمات المالية مع دول مثل مصر ونيجيريا وغانا ومالي وإثيوبيا وجمهورية الكونغو وأوغندا.
وأضاف تسيتسينوفسكي أن المركز يقوم بتحديث المعلومات المتعلقة بالرسوم الجمركية وغير الجمركية ومتطلبات الشهادات، وغيرها من الجوانب المهمة للأعمال في الدول الأفريقية، ويقدم هذه البيانات عبر موقعه الإلكتروني ومنصته الرقمية "مي إكسبيرت". وقال إن هذا يساعد الشركات الروسية على اتخاذ قرارات مدروسة، ما يقلل المخاطر عند دخولها السوق الأفريقية.
من جهته، يقول فاديم ميكيف، صحافي روسي، لـ"العربي الجديد": "يجب على موسكو الحذر من بعض التحديات التي قد تعيق تحقيق الأهداف المرجوة. فالنمو بنسبة 22.6% قد يبدو مشجعاً، لكنه قد لا يعكس بالضرورة استدامة هذه العلاقات على المدى الطويل. هناك مخاوف تتعلق بنقص المعرفة حول الأسواق الأفريقية وكيفية التعامل معها، مما قد يؤدي إلى استثمارات غير فعالة أو خسائر للشركات الروسية".
وأضاف ميكيف: "التحديات اللوجستية والمالية، فضلاً عن عدم الاستقرار السياسي في بعض الدول الأفريقية، قد تشكل عقبات كبيرة أمام تحقيق شراكات تجارية ناجحة. لذا، من المهم أن تتبنى الشركات الروسية استراتيجيات مدروسة للتعامل مع هذه المخاطر ولتعزيز وجودها في الأسواق الأفريقية".
روسيا تجري مفاوضات لإنشاء مناطق تجارة حرة
وأعلن أنتون كوبياكوف، مستشار الرئيس الروسي، أن روسيا تجري مفاوضات لإنشاء مناطق تجارة حرة مع كل من مصر والجزائر والمغرب وتونس. وجاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عُقد في إطار المنتدى الوزاري للشراكة "روسيا-أفريقيا" يوم السبت.
وأكد كوباياكوف أن روسيا تعطي أهمية كبيرة لتعزيز التعاون مع الدول الأفريقية في مجالات التجارة والاستثمار، مشيراً إلى ضرورة إشراك الشركات الروسية في تنفيذ مشاريع البنية التحتية. وأوضح أن الاتفاقيات الخاصة بإنشاء مناطق تجارة حرة ستشكل عنصراً أساسياً في تعزيز الشراكة الاقتصادية بين روسيا و الدول الأفريقية.
وأشار إلى أن المفاوضات جارية حالياً لتوحيد التشريعات التجارية والاستثمارية مع دول مثل جنوب أفريقيا وزيمبابوي وأنغولا وزامبيا وموزمبيق ونيجيريا. ولفت كوباياكوف إلى تزايد الاهتمام من الجانبين في توسيع الروابط الاقتصادية بين الاتحاد الاقتصادي الأوراسي والتجمعات الأفريقية.
ويوم السبت أيضاً، أكدت ماريا زاخاروفا، المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية، أن انعقاد المؤتمر الوزاري لمنتدى الشراكة "روسيا - أفريقيا" حطم الآمال السلبية في عزل موسكو. وأشارت زاخاروفا في تصريح لوكالة "ريا نوفوستي" إلى أن المنتدى يشهد عشرات الاجتماعات الثنائية بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظرائه الأفارقة. وأضافت أن المناقشات تشمل مجالات متعددة مثل الاقتصاد، والعلاقات التجارية، والتعاون في المجالات الإنسانية كالثقافة والتعليم والعلوم، بالإضافة إلى مشاريع مستقبلية في جميع القطاعات.
وقالت زاخاروفا: "هذا الحدث لا يبرز فقط تعددية الأقطاب، بل يحمل أيضاً نتائج عملية ملموسة". وأكدت أن المنتدى يكتسب أهمية كبيرة ليس بالنسبة لروسيا فحسب، ولكن كذلك للقارة الأفريقية التي تحتاج إلى دعم القوى العالمية للتغلب على التحديات التي تواجهها، مثل الفقر ونقص الفرص التكنولوجية. وأكدت أهمية هذا المنتدى في إظهار أن الدول الأفريقية لديها من يدعمها.
وانعقد المؤتمر الوزاري لمنتدى الشراكة بين روسيا وأفريقيا في سوتشي يومي 9 و10 نوفمبر الجاري، لمتابعة قرارات القمة الروسية الأفريقية الثانية. وقد جمع المؤتمر وزراء الخارجية من روسيا الاتحادية ودول القارة، بالإضافة إلى مفوضية الاتحاد الأفريقي والهيئات التنفيذية لاتحادات التكامل الإقليمية.