أزمة إيجارات في أميركا: ملايين مهددون بالتشرد بعد استئناف الإخلاء

28 مايو 2021
متشردون في نيفادا (أونيل سوبا/Getty)
+ الخط -

يعيش مواطنو الولايات المتحدة الأميركية في مرحلة ارتدادات أزمة كورونا على حياتهم. حيث فقَدَ الملايين أعمالهم، ومعها أصبحت مداخيلهم مرتكزة على المساعدات الحكومية. قيمة المساعدات هذه لا تكفي لدفع ملايين الأسر إيجاراتها، فيما الإعانة الحكومية لدفع هذه الإيجارات لا تنطبق شروطها على كل المتضررين. ففي غضون أسابيع قليلة، من المقرر أن تنتهي صلاحية الوقف الفيدرالي لعمليات الإخلاء. وهذا مصدر قلق كبير بشكل خاص في المجتمعات التي كانت تكافح بالفعل مع زيادة التشرد قبل الوباء. فقد استلم ملايين المستأجرين في عدد من الولايات الأميركية إشعارات الإخلاء.

من بين جميع البالغين في الولايات المتحدة الذين يعيشون في بيوت مستأجرة، قال حوالي 1 من كل 7 أشخاص إنهم تأخروا في دفع الإيجارات اعتباراً من الأسبوعين المنتهيين في 10 مايو/أيار. النسبة ترتفع بين المستأجرين السود إلى 1 من كل 5 أشخاص، وفقاً لمسح أجراه مركز التعداد الحكومي، والذي هدف إلى التعرف على مصاعب عصر الوباء.

عندما ضرب الوباء، فقد ما يقدّر بنحو 15.9 مليون شخص في جميع أنحاء البلاد وظائفهم وواجهوا صعوبة في توفير إيجار سكنهم.

احتاج مسؤولو الصحة العامة إلى بقاء الناس في منازلهم للحد من انتشار الفيروس، لذلك اتخذت الحكومات إجراءات للحد من عمليات الإخلاء التي يخشى الكثيرون أن تكون وشيكة اليوم. تضمنت تشريعات الإغاثة الفيدرالية، المدفوعات النقدية المباشرة لمعظم الأسر الأميركية، ومدفوعات البطالة الإضافية، ومساعدة الإيجارات الطارئة، وفق شركة "فاست كومباني" الأميركية.

وحظر قانون المساعدة والإغاثة والأمن الاقتصادي الفيدرالي لفيروس كورونا، المعروف باسم قانون CARES، عمليات الإخلاء من 24 مارس/آذار إلى 24 أغسطس/آب 2020، لكنه لم ينطبق إلا على عدد صغير نسبياً من المستأجرين الذين يستخدمون برامج المساعدة الفيدرالية لدفع إيجاراتهم، أو الذين يعيشون في عقارات بتمويل مدعوم اتحادياً.

حظر الطرد توسّع، بأمر من مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، في 4 سبتمبر/أيلول 2020، ومن المنتظر أن تنتهي مفاعيله في 30 يونيو/حزيران 2021.

مما يزيد من مخاوف المستأجرين، أن حظر الإخلاء لا يعفي من دفع الإيجار، لذلك لا يزال المستأجرون مسؤولين عن دفع المتأخرات، وقد يواجهون الإخلاء إذا لم يتمكنوا من السداد، وفقاً لموقع "فيس" للأبحاث.

ويوجد الآن أكثر من 360 برنامجاً في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأميركية توفر الأموال للمستأجرين الذين تخلفوا عن الركب بسبب وباء فيروس كورونا، وفق تقرير "سي أن بي سي". وبلغ مجموع الأموال أكثر من 45 مليار دولار خصصها الكونغرس في آخر حزمتين تحفيزيتين رئيسيتين، على أمل تسديد متأخرات الإيجار الهائلة في البلاد. وقال أندرو أوراند، نائب الرئيس للأبحاث في الائتلاف الوطني للإسكان منخفض الدخل: "لقد تضرر المستأجرون بشدة من الوباء. الحاجة إلى المساعدات غير مسبوقة".

وأضاف أوراند أنه مع انتهاء وقف الإخلاء الوطني خلال شهر، فمن الضروري توزيع الأموال بسرعة. إذ عندما ينتهي التأجيل، قد يكون لدينا ملايين المستأجرين عرضة لخطر الإخلاء. وتشكو ملايين الأسر الأميركية من أنها غير قادرة على تلبية الشروط المطلوبة للحصول على مساعدة حكومية لدفع الإيجار.

إذ إضافة إلى ضرورة أن يكون واحد على الأقل من الأسرة مشتركاً ببرنامج إعانات البطالة، أو يشهد كتابياً أنه فقد الدخل أو تكبد نفقات كبيرة بسبب الوباء، ستحتاج الأسرة أيضاً إلى إثبات خطر التشرد، والذي قد يتضمن إيجاراً متأخراً أو إشعاراً بالمرافق. بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن أن يتجاوز مستوى الدخل لعام 2020 نحو 80 في المائة من متوسط الدخل في الولاية.

ويشير المدافعون عن حق السكن إلى عدد من المشاكل مع بدء تقديم المساعدة، لا سيما حول صعوبة بعض الطلبات. قال أوراند إن أحد تطبيقات البرنامج المحلي كان مؤلفاً من 45 صفحة.

في غضون ذلك، كان الطلب مرتفعاً للغاية في ألاسكا، لدرجة أن صندوقها الحكومي يضع الناس بالفعل في قوائم الانتظار. ونفد ما يقرب من 20 برنامجاً محلياً من الأموال في جميع أنحاء البلاد، مما اضطرهم إلى الإغلاق. وعلى الرغم من التحديات القانونية الأخيرة لحظر الإخلاء الوطني، لا يزال القانون سارياً في الوقت الحالي وربما حتى نهاية يونيو/حزيران في حال لم يتم إلغاؤه قبل ذلك.

ورفعت معظم الولايات حظر الإخلاء حتى الآن، لكن بعضها لا يزال سارياً. وتواجه العديد من الولايات في جميع أنحاء البلاد، ارتفاع تكاليف الإسكان، وانخفاض معدلات الشغور في المنازل، وزيادة الجهود من قبل الملاك لطرد المستأجرين.

وحللت شركة "فاست كومباني" الأميركية معدلات الإخلاء في جميع أنحاء ولاية أيداهو، حيث تبين أن الأرقام انخفضت في عام 2020 لكنها تستعد للعودة أو حتى تجاوز مستويات ما قبل الوباء في الأشهر المقبلة، مع نفاد برنامج دعم الإيجارات الحكومي. وهذا الواقع ينطبق وفق الشركة على جميع الولايات. وخصص الحاكم الجمهوري لأيداهو، براد ليتل، 15 مليون دولار من أموال قانون "كارز" الفيدرالي لتقديم مساعدة إيجارية للأسر التي تكافح لدفع الإيجار بسبب الوباء.

تمت إضافة 200 مليون دولار أخرى إلى هذا الصندوق من خلال قانون خطة الإنقاذ الأميركية في عام 2021. تذهب المدفوعات مباشرة إلى أصحاب العقارات لتعويض الإيجار الحالي والمتأخر، اعتماداً على الظروف الخاصة للأسرة. بمجرد نفاد هذه الأموال وانتهاء حظر الإخلاء، لن يكون لدى المستأجرين الحماية المتبقية المتعلقة بالوباء من عمليات الإخلاء. ومع ذلك، ربما لا تزال هذه الأسر تشعر بضغوط الوباء، وقد لا تكون قادرة على الإيجار الحالي، ناهيك عن شهور الإيجار المتأخر.

ووفق تقرير لوكالة "بلومبيرغ" الأميركية، فإنه منذ الثلاثينيات من القرن الماضي، قامت الحكومة الفيدرالية بتطبيق تجربة تلو الأخرى من البرامج والحوافز لمساعدة الفقراء والطبقة الوسطى والمحاربين القدامى وغيرهم على شراء المنازل. وما يحصل اليوم هو تراكم السياسات والبيروقراطية المعقدة وغير الملائمة لاحتياجات السكان. ويقول كريس هربرت، المدير العام لمركز هارفارد المشترك لدراسات الإسكان: "لم يكن هناك حقاً وقت جلسنا فيه وقلنا دعونا نفكر في سياسة إسكان متماسكة في الولايات المتحدة". ومع أزمة إخلاء محتملة تلوح في الأفق وتصاعد أسعار المساكن بعيداً عن متناول العديد من المشترين، تضغط إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن حالياً من أجل أكبر استثمار فيدرالي للإسكان منذ عقود، بقيمة 213 مليار دولار. إذ أنفقت ما يقرب من 11 مليون أسرة أكثر من نصف دخلها على الإيجار في عام 2018، وهو مستوى من الضغوط المالية التي دفعت الناس في كثير من الأحيان إلى أزمة.

وفي ليلة واحدة في كانون الثاني/يناير 2020، كان أكثر من 580 ألف شخص بلا مأوى في الولايات المتحدة، وفقاً لإحصاء سنوي نظمته وزارة الإسكان والتنمية الحضرية. وخسرت أفراد الأسر ذات الأصول الأفريقية أو الإسبانية وظائفها بمعدلات أعلى من عائلات البيض خلال انتشار كورونا، ومن المرجح أن تتخلف عن سداد الإيجار أو مدفوعات الرهن العقاري بنسب أعلى.

في الوقت نفسه، أدت السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى إرسال معدلات الرهن العقاري إلى أدنى مستوياتها التاريخية، مما سمح للأثرياء بإعادة تمويل وشراء العقارات الثانية، بينما يجد العديد من المشترين لأول مرة أنفسهم خارج السوق المزدهر. ويقول جين سبيرلينغ، كبير مستشاري الرئيس المشرف على حزمة الإغاثة من فيروس كورونا البالغة 1.9 تريليون دولار: "إحدى الثغرات التي ورثناها والتي أجبرنا الآن على تحمّلها، هي الافتقار إلى هيكل واسع النطاق لمساعدة الأميركيين على تجنب عمليات الإخلاء غير الضرورية والمدمرة المحتملة".

المساهمون