يتزايد قلق الأردنيين من تسرب أرز فاسد إلى موائدهم، بعدما جرى الكشف عن ضبط كميات كبيرة مخزنة من هذه السلعة لا تصلح للاستهلاك البشري، في وقت يشهد الأرز قيوداً على التصدير من دول رئيسية في الإنتاج.
وضبطت الأجهزة المختصة مؤخراً أكثر من 5500 طن من الأرز الفاسد مخزنة في مستودعات تمتد على مساحة 4 آلاف متر مربع في مدينة الزرقاء شرق العاصمة عمان وثالث أكبر مدينة من حيث السكان في المملكة.
وأثارت القضية مخاوف المواطنين على سلامة الغذاء وخاصة مادة الأرز التي تشكل عنصراً أساسيا على موائدهم، لا سيما أن الكميات التي جرى ضبطها كبيرة ولم يُكشف عما إذا طُرحت كميات منها في الأسواق بعد معالجتها والتخلص من الحشرات الموجودة فيها.
وأعادت القضية الى أذهان الأردنيين قضايا تتعلق بشحنات فاسدة من الغذاء دخلت الأردن وضُبطت، مثل كميات كبيرة من الأسماك المستوردة من إحدى البلدان الأجنبية أخيراً، وكذلك تصريحات مثيرة لوزير الصحة الأسبق عبد الرحيم ملحس الذي فجر مفاجأة قبل سنوات بأن الغذاء والدواء في بلاده فاسدان.
لكن مسؤولا حكوميا قال لـ"العربي الجديد" إن هنالك العديد من الجهات المختصة بالرقابة على جودة وسلامة الأغذية، سواء الموردة من الخارج أو المنتجة محلياً، والتأكد من مطابقتها للمواصفات والمقاييس الأردنية.
وأضاف المسؤول أنه "لا يجرى إدخال أي شحنات إلى الأردن أو طرح منتجات محلية في الأسواق إلا بعد اجتيازها الفحوصات المخبرية والتأكد من صلاحيتها والرقابة عليها بشكل مستمر".
وأشار إلى أن القانون فرض عقوبات مغلظة بحق من يتلاعب بسلامة الغذاء وبيع سلع منتهية الصلاحية أو غير صالحة للاستهلاك، وإتلاف الكميات المضبوطة فوراً من خلال لجان مختصة واتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المخالفين من دون أي تهاون.
بدوره، اعتبر المدير العام للمؤسسة العامة للغذاء والدواء نزار مهيدات أن الأرز الذي جرى ضبطه تعرض لسوء التخزين محلياً نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وزيادة في الرطوبة، إلى جانب عدم ملائمة المستودعات لتخزين هذه المادة.
وأشار مهيدات في تصريحات صحافية إلى أن المؤسسة تقوم بتنفيذ القوانين المعمول بها في الرقابة على المواد الغذائية، بهدف ضمان سلامتها وسلامة المواطنين، حيث إن فرق الرقابة والتفتيش التابعة للمؤسسة، وبالتنسيق مع كوادر قسم الرقابة في الإدارة الملكية لحماية البيئة، توجهت بناء على ملحوظة وردت إلى الدائرة الصحية في بلدية الرصيفة بخصوص أرز يحتوي على حشرة السوس إلى مستودعات الأرز المرتبطة بالملاحظة الواردة في محافظة الزرقاء.
ورغم أن المؤسسة العامة للغذاء والدواء أكدت أنها والجهات ذات الاختصاص تفرض رقابة مشددة على صلاحية الغذاء، وأن كميات الأرز المضبوطة تعود إلى سوء التخزين وتعرضها لمؤثرات حشرية خلال وجودها في المستودعات، إلا أن الجمعية الوطنية لحماية المستهلك (مؤسسة مجتمع مدني) شددت على ضرورة محاسبة أصحاب كميات الأرز الفاسد وكل من له علاقة بذلك، مؤكدة أن "الغذاء خط أحمر لا يسمح بأي حال من الأحوال التلاعب به".
وأشار رئيس الجمعية محمد عبيدات إلى أهمية قيام الجهات الرقابية ذات العلاقة بسحب كميات الأرز الموجودة في الأسواق من نفس الصنف، الذي تم ضبطه في مخازن إحدى الشركات الكبرى والذي تبين أنه غير صالح للاستهلاك البشري، للتأكد من مدى صلاحيته للاستهلاك.
وحذر عبيدات من أن تؤثر الكميات التي أُتلفت على ارتفاع أسعار نظراً لكون الأرز مادة أساسية ولأن المخزون الاستراتيجي لهذه المادة تكفي (6) أشهر.
ويستورد الأردن ما لا يقل عن 80% من احتياجاته الغذائية من الأسواق الخارجية فيما يحقق الاكتفاء الذاتي في عدد قليل من السلع، مثل أصناف من الخضار والدجاج وبيض المائدة وغيرها.
ونهاية أغسطس/آب الماضي، وسعت الهند، التي تمثل 40% من تجارة الأرز عالمياً، قيود تصدير هذه السلعة، حيث فرضت حداً أدنى لسعر تصدير شحنات الأرز البسمتي قدره 1200 دولار للطن، بعدما حظرت تصدير الأرز الأبيض غير البسمتي، للسيطرة على الأسعار المحلية قبل الانتخابات المحلية، إذ يسعى رئيس الوزراء ناريندرا مودي للفوز بولاية ثالثة.
كما فرضت الحكومة الروسية، نهاية يوليو/تموز، حظراً على تصدير الأرز حتى نهاية العام الجاري 2023، مبررة ذلك بالحفاظ على الاستقرار في السوق المحلية، وقبلها، أعلنت الإمارات التي تعد سوقاً كبيرة لعبور السلع في منطقة الخليج العربي إيقاف تصدير الأرز وإعادة تصديره مدة أربعة أشهر، بما يشمل الأرز هندي المنشأ.
وتغذي المخاوف المتنامية بشأن شح الإمدادات العالمية مخاطر اندلاع موجة جديدة من الحمائية التجارية مع تطلع الحكومات إلى ضمان احتياطيات غذائية وفيرة.