تراجعت الليرة التركية اليوم الاثنين، فيما تشير أحدث البيانات الرسمية إلى انحسار طفيف للتضخم خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول المنصرم. إذ لم يأت تراجع نسبة التضخم كما تخطط الحكومة أو كما روّج برنامجها الاقتصادي عن آمال وصول التضخم مرتبة الآحاد، عام 2026 كحد أقصى، إذ كشف معهد الإحصاء التركي اليوم، عن تراجع طفيف في نسبة التضخم التي سجلت 75% في مايو/أيار الماضي، قبل أن تتراجع تدريجياً إلى 51.97% في أغسطس/آب، ومن ثم إلى 49.38% في سبتمبر/أيلول، قبل أن تتراجع خلال أكتوبر الماضي إلى 48.58% على أساس سنوي و2.88% على أساس شهري.
وتراجع سعر صرف الليرة التركية اليوم الاثنين، بنسبة 0.095% ليسجل الدولار 34.3448 ليرة ويصل سعر صرف اليورو 37.4969 ليرة، وسط ترقب الأسواق لما قيل عن حزمة إجراءات وزيادة الأجور التي ستتخذها الحكومة التركية نهاية العام.
ويقول الاقتصادي التركي أوزجان أويصال لـ"العربي الجديد" إن نسبة تراجع التضخم قليلة جداً قياساً بالتصريحات التي أدلى بها وزير المالية والخزانة، محمد شيمشك وما قيل عن تحسن التجارة الخارجية والقدوم السياحي، متوقعاً، بالوقت ذاته، أن تبقى العملة التركية تتذبذب نتيجة الأوضاع الاقتصادية التركية والإقليمية، مستدركاً، إلا إن أقدم المصرف المركزي على خطوة تخفيض سعر الفائدة الجلسة المقبلة، فوقتها قد يتراجع سعر الصرف قليلاً.
وكان المصرف المركزي التركي قد ثبت، الشهر الماضي، سعر الفائدة، وللجلسة السابعة على التوالي، عند 50% بعد أن رفعها، خلال عام ونصف العام، من 8.5% بهدف تحقيق البرنامج الاقتصادي الحكومي وبمقدمته، كسر حدة التضخم وصولاً لرفاهية المواطن التركي، كما قال وزير المال والخزانة.
ويتوقع الاقتصادي أويصال أن تتأخر بلاده، ربما لثلاثة أعوام إن لم تحدث مفاجآت وطوارئ، حتى توصل التضخم مرتبة الآحاد ويستقر سعر الليرة التركية الذي وصف استعادة صرفها، لما كانت عليه، أمراً صعباً إن لم نقل مستحيلاً، فصرف الدولار استقر على أقل من ليرتين قبل عشر سنوات وبدء مشوار التهاوي الذي كانت ذروته، بعد الانقلاب الفاشل عام 2016 ومن ثم بعد الزلزال وقدوم الحكومة الجديدة التي تركز على احتياطي المصرف المركزي والعودة بالسياسة النقدية إلى "الكلاسيكية" وسحب فائض السيولة عبر رفع الفائدة، بالدرجة الأولى.
وكان وزير المالية التركي محمد شيمشك قد أكد أن الحكومة التركية تعمل بجد لتهيئة الظروف اللازمة لتحقيق انخفاض دائم في معدل التضخم، مشيراً إلى أن هذه الجهود تهدف إلى إعادة الاستقرار المالي والاقتصادي في البلاد.
وأضاف شيمشك خلال تصريحات أن خطط الحكومة تتوقع انخفاض معدل التضخم إلى خانة الآحاد بحلول عام 2026، وهو ما يعتبر هدفاً استراتيجياً طويل الأمد في إطار الإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها الحكومة، معتبراً أن هذه الإصلاحات تشمل تعزيز الانضباط المالي، وتحقيق التوازن بين العرض والطلب، وكذلك تعزيز الاستثمارات في القطاعات الإنتاجية لتجنب الاعتماد المفرط على الاستيراد.
وحول الآثار الموضوعية، أشار شيمشك إلى أن الحكومة تدرك أن التحديات الاقتصادية العالمية، إلى جانب تأثير التضخم على الأوضاع المعيشية للمواطنين، تتطلب اتخاذ إجراءات حاسمة ومستدامة. كما شدد على أهمية التعاون مع المؤسسات الدولية والخبراء الاقتصاديين لتحقيق هذه الأهداف، مع التركيز على تحسين مناخ الأعمال وجذب الاستثمارات الأجنبية لتعزيز النمو الاقتصادي على المدى الطويل.
ويرى مراقبون أن نسبة رفع الحد الأدنى للأجور، الشهر المقبل، ستكون بوصلة الأسواق، لجهة الأسعار والقدرة الشرائية وسعر الصرف نظراً لضخ كتل نقدية جديدة بالعملة التركية، وذلك وسط ما يقال عن نصائح البنك الدولي لتركيا، بعدم زيادة الأجور بنسبة كبيرة، كما فعلت العام الماضي.
ورفضت الحكومة التركية زيادة الحد الأدنى للأجور مرة ثانية خلال العام الجاري وأبقته عند 17002 ليرة تركية شهرياً، رغم ارتفاع نسب الجوع والفقر بالبلاد، بحسب تقرير الاتحاد التركي لنقابات العمال "Türk-İş" لشهر أكتوبر الماضي، إلى 20 ألفاً و432 ليرة تركية، في حين بلغ حد الفقر 66 ألفاً و553 ليرة تركية. أما تكلفة المعيشة الشهرية للموظف الأعزب، فقد وصلت 26 ألفاً و527 ليرة تركية.