كشفت هيئة النزاهة، المسؤولة عن التحقيق في قضايا الفساد في العراق، اليوم الأربعاء، عن وجود أكثر من 30 ألف عقار تابع للدولة، استولت عليها أحزاب وجهات وأفراد بعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003.
وقال مدير دائرة التحقيقات في الهيئة، كريم الغزي، إن "موضوع عقارات الدولة يُعَدّ من الملفات المهمة التي عملت عليها الهيئة وأفردت له مساحة واسعة في مجال عملها، حيث بادرت إلى تأليف فريق يتولى جرد العقارات العائدة للدولة، والعقارات المخصصة والمستغلة من قبل المسؤولين بصفة رسمية، وتلك التي استولت عليها الأحزاب أو الجمعيات أو الأفراد".
وأشار إلى أن "العدد الكلي للعقارات التي جرى التجاوز عليها في بغداد والمحافظات، عدا اقليم كردستان، بلغ 31378 عقاراً، وكانت محافظة نينوى الأعلى، إذ بلغ فيها عدد العقارات المتجاوز عليها 8585 عقاراً، تلتها البصرة 6194، ثم كركوك 3653 عقاراً".
وبشأن إجراءات هيئة النزاهة لاسترداد تلك العقارات، أوضح العنزي في حديث لوكالة الأنباء العراقية أن "الهيئة عملت، بتوجيهٍ مباشرٍ من قبل رئاسة الهيئة ممثلة بالقاضي علاء جواد الساعدي بإيلاء موضوع عقارات الدولة الأهمية التي يستحقها، وأُعدّ برنامج تضمّن أرقام العقارات وعناوينها والجهة المتجاوزة، والقيمة التقديرية، والإجراءات المتخذة بحق الجهة المتجاوزة، وعُمِّم هذا البرنامج على مديريات ومكاتب تحقيق الهيئة في بغداد والمحافظات لاعتماده لديها وملء حقوله وإعادة إرساله إلى دائرة التحقيقات".
واستغلت أحزاب نافذة الفوضى التي كان يعيشها العراق بعد الاحتلال الأميركي قبل 18 عاماً لتفرض سيطرتها على مقرات ومواقع ومعسكرات تابعة للدولة، بعضها في مناطق راقية مثل الجادرية والعرصات والحارثية والمنصور، وزيونة، وشارع فلسطين في بغداد، وكذلك في محافظات أخرى. وتقدَّر قيمة هذه العقارات بمئات ملايين الدولارات.
وعلى الرغم من حديث الحكومات والدورات البرلمانية المتعاقبة عن إجراءات لمحاربة الفساد، إلا أنها لم تتمكن من استعادة العقارات التي تستولي عليها الأحزاب المتنفذة.
عضو سابق في هيئة النزاهة البرلمانية قال لـ "العربي الجديد" إنه لا أحد يجرؤ على استعادة الأموال والعقارات من الأحزاب المتنفذة، موضحاً أن هذه الأحزاب غالباً ما يكون لديها غطاء برلماني وحكومي وأمني يحميها.
ولفت إلى أن أغلب الأحزاب مستفيدة من عقارات الدولة، سواء كان من خلال شغلها أو بيعها بأثمان كبيرة، الأمر الذي عقد هذا الملف وحال دون فتحه بجدية من قبل أي حكومة.
ويشير مسؤولون وبرلمانيون وخبراء اقتصاد إلى أن استغلال هذه العقارات التي يقدر عددها بالآلاف، لم يقتصر على العمل الحزبي فقط، بل تعدى الأمر إلى تزوير سندات ملكيتها لتؤول إلى الجهات والشخصيات التي استولت عليها، بينما شهدت عمليات البيع الأخرى عمليات فساد صارخة، منها بيع المتر لأحد السياسيين إبان حكومة نوري المالكي (2006 ـ 2014) بقيمة 6 دولارات، بينما بلغ في السوق آنذاك نحو ألفي دولار.