أثر محدود للضربات الأميركية على أعمال داعش في سورية

18 فبراير 2015
مصفاة نفط عشوائية في سورية (أرشيف/getty)
+ الخط -


يبدو قرار مجلس الأمن الأخير بتجفيف موارد التنظيمات الإرهابية، محدود الأثر خصوصاً بالنسبة لتنظيم الدولة الإسلامية داعش الذي يسيطر على مناطق واسعة شرق سورية تتصف بغناها الزراعي وبوجود عدد كبير من آبار النفط، وبالتالي فالتنظيم يملك مجموعة كبيرة من مصادر التمويل المحلية التي يصعب تطبيق أي إجراءات للحد منها.

فعلى العكس من جبهة النصرة، التي تسيطر على مناطق واسعة في ريف إدلب شمال سورية، يفرض داعش رسوماً وغرامات مالية على السكان في مناطق سيطرته، ويحصل على مردود مادي كبير من تصدير أنواع كثيرة من المواد الخام، بالإضافة لتصديره النفط والغاز لمناطق سيطرة قوات المعارضة السورية في الشمال السوري، ومناطق سيطرة النظام السوري وسط

البلاد، ويحصل التنظيم على موارد مالية كبيرة من تهريب كميات من النفط الخام والمشتقات رديئة النوعية إلى السوق السوداء التركية.

وقال الناطق باسم حملة "الرقة تُذبح بصمت"، أبو ابراهيم الرقاوي، لـ "العربي الجديد"، إن قرار مجلس الأمن الأخير يكاد يكون عديم الجدوى في التأثير على مصادر تمويل داعش المحلية، في ظل استمرار سيطرته على مناطق واسعة شرق سورية.

ويوضح الرقاوي، أن داعش في سياق سعيه لتنويع مصادر دخله وزيادة غزارتها، فرض على سكان مدينة الرقة وعلى سكان ريفها، رسوماً شهرية للنظافة، ومبالغ شهرية ثابتة لقاء خدمات لا تصل إلى بيوت السكان في معظم الأوقات، كخدمات المياه والكهرباء والهاتف الأرضي، كما فرض داعش بالإضافة إلى ذلك لائحة مخالفات مرورية وتموينية، وتعرفات جمركية على البضائع التي تدخل أو تخرج من مناطق سيطرته، تختلف بحسب نوع البضاعة وكميتها.

ويشير الرقاوي إلى أن التنظيم قام بتحصيل "زكاة" على المحاصيل الزراعية والماشية من سكان المناطق التي يسيطر عليها، كما أنه أقر نظاماً للغرامات الجزائية التي تفرض على من يخالف قواعد التنظيم الخاصة بإغلاق المحلات التجارية وقت الصلاة ومنع التدخين وغيرها.

ويقول الرقاوي، إن داعش يقوم بتهريب النفط ومشتقاته المكررة محلياً إلى الأراضي التركية عبر الحدود السورية التركية، كما أن التنظيم يقوم ببيع الغاز للنظام السوري من حقل توينان الواقع إلى الغرب من مدينة الطبقة في ريف الرقة، ويقوم بإمداد مناطق سيطرة النظام السوري شرق سورية، كمدينة الحسكة، بالكهرباء من سد الفرات الذي يسيطر عليه التنظيم مقابل مبالغ مالية، ويستبعد الرقاوي أي أثر لقرار مجلس الأمن الأخير على مصادر تمويل داعش المحلية وعلى مصادر تمويله الناتجة عن تصديره للبضائع والمشتقات النفطية إلى مناطق سيطرة النظام السوري والمعارضة السورية.

وحسب الناطق باسم حملة "الرقة تُذبح بصمت"وينوه، فان الغارات التي شنها طيران التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية على آبار النفط والمصافي محلية الصنع المتواجدة في مناطق سيطرة داعش شرق سورية، قد أثرت بشكل طفيف على عملية استخراج وتسويق داعش للنفط، دون أن تؤدي إلى قطع مصادر تمويله من هذا القطاع، كما أن التنظيم قد تمكن من تعويض النقص في الإنتاج برفع أسعار المشتقات النفطية في مناطق سيطرته، الأمر الذي انعكس سلبياً على السكان.

في المقابل، يؤكد الخبير الاقتصادي يوسف الحمود، لـ "العربي الجديد"، أن قرار مجلس الأمن الأخير ذو أثر محدود على مصادر تمويل داعش والنصرة في سورية، حيث أن إدراج مجلس الأمن للقرار الأخير تحت الفصل السابع يهدف إلى زيادة التهديد بعقوبات ضد من يتعامل مع التنظيمات المشمولة بالقرار، ويؤدي ذلك، بحسب الحمود، إلى رفع تكلفة رأس المال بالنسبة للتنظيمات المتطرفة من خلال زيادة نسبة المخاطرة التي يتكبدها من يتعامل مع هذه التنظيمات، وبالتالي تخفيض العائدات التي يحصل عليها داعش أو "جبهة النصرة" من بيع النفط أو المواد الخام أو أي بضائع أخرى.

ويوضح الحمود، أن التنظيمات المتطرفة في سورية تقوم بتصريف النفط والبضائع التي تريد بيعها عن طريق التعامل مع وسطاء تجاريين يقومون بشراء البضائع من داعش أو النصرة قبل

بيعها في السوق المحلية السورية في مناطق سيطرة النظام السوري أو المعارضة السورية أو في الأراضي التركية، وهؤلاء الوسطاء هم أكثر من يشكل قرار مجلس الأمن الأخير تهديداً عليهم، الأمر الذي سيؤدي لزيادة المخاطر بالنسبة لهم، مما سيدفعهم للامتناع عن التعامل مع التنظيمات المتطرفة، أو لشراء البضائع التي تبيعها بأسعار أقل، مما سيؤدي إلى تخفيض عائدات هذه التنظيمات.

ويرى الحمود، أن تأثير القرار على مصادر تمويل داعش و"جبهة النصرة" في سورية سيقتصر على الأثر غير المباشر وفق مبدأ زيادة المخاطر وبالتالي تخفيض العائدات، دون أن يكون للقرار تأثير مباشر على مصادر تمويل التنظيمات المتطرفة، ذلك أن اقتصاد هذه التنظيمات غير متصل بشكل مباشر مع أي جهات رسمية يمكن أن تتعرض لعقوبات من مجلس الأمن، كما أن هذه التنظيمات لا تستخدم الطرق المتعارف عليها في نقل الأموال وتحويلها عبر الأنظمة البنكية المستخدمة دولياً.

ويبدو أن أثر القرار قد يكون أكثر وضوحاً على جبهة النصرة من أثره على داعش، فالنصرة لا تملك مصادر دخل محلية متنوعة كما يملك داعش، فهي لا تقوم بتحصيل رسوم وغرامات من السكان، كما أنها لم تقم سابقاً بتحصيل "الزكاة" من سكان المناطق التي تسيطر عليها، كما أن هذه المناطق خالية من منابع النفط والغاز الذي يمكن أن تتأثر عمليات تسويقه بقرار مجلس الأمن الأخير.

المساهمون