بينما تتواتر التوقعات حول استمرار دورة ارتفاع أسعار النفط خلال العام الجاري، ولا تستبعد مؤسسات مالية أن يصل سعر البرميل إلى 200 دولار بنهاية العام المقبل 2022، تضاعفت ثروات مليارديرات الطاقة وشركات تجارة النفط ومشتقاته الكبرى.
كما قفزت أرباح مصارف الاستثمار من المضاربات في أسواق الطاقة العالمية. وحسب بيانات شركة "كويك سترايك" الأميركية المتخصصة في تحليل البيانات المالية، فإن بعض المضاربين في سوق "الخيارات" المستقبلية نفّذوا عملياً "صفقات مراهنة" على سعر 200 دولار، رغم أن معظم الرهانات التي تمت في "السوق الآجلة" كانت في حدود 100 دولار للبرميل.
وبالتالي، من المتوقع أن تتضاعف ثروات مليارديرات الطاقة وتجار النفط والمشتقات البترولية بمبالغ قياسية خلال العام الجاري.
وحتى الآن، كسب أثرياء الطاقة والمضاربون عليها مئات المليارات من ارتفاع أسعار النفط وحده، ناهيك عن الغاز الطبيعي.
وتقدّر نشرة "أويل برايس" الأميركية متوسط ارتفاع ثروات مليارديرات الطاقة بنحو 20%، في النصف الأول من العام الجاري. وكان سعر خام برنت وقتها في منتصف دورة ارتفاعه ويحوم حول 70 دولاراً للبرميل، بينما يتجه الآن بسرعة نحو 90 دولاراً.
وبالتالي، فإن الارتفاعات متوقعة في ثروة أباطرة تجارة النفط التي تتألف من الشركات النفطية الخاصة وشركات تجارة الخامات النفطية الأربع السويسرية والمصارف الاستثمارية وشركات النفط نفسها التي تتاجر سراً وتضارب على الأسعار في السوق النفطية.
ورصد الكاتب الأميركي كين سيفرستين، في كتابه "العالم السري للنفط"، جزءاً من عالم المضاربات السرية التي تقوم بها شركات النفط الكبرى في عمليات البيع والشراء والتأثير على مجريات الأسعار في أسواق الطاقة، فيما يُعرف بالمضاربة على "البراميل الورقية" التي تتم المضاربة عليها في السوق، بغرض التربح وليس بغرض الاستهلاك. وبالتالي، فمن المتوقع أن يحصد "تايكونات النفط" مئات المليارات خلال العقد الجاري من تجارة النفط الخام وحده دون ما سيحققونه من تجارة المشتقات النفطية.
وحسب تقديرات "شركة رسيرش ماركتس" البريطانية للبيانات المالية، فإن حجم سوق النفط من المتوقع أن يرتفع مستواه البالغ 4.677 تريليونات دولار في العام الماضي 2020، إلى 5.870 تريليونات دولار خلال العام الجاري، وأن يصل حجمه إلى نحو 7.5 تريليونات دولار بمنتصف العقد الجاري.
ولاحظت وكالة بلومبيرغ، أن ثلاث شركات نفطية من "الأخوات السبع" الكبار في الصناعة النفطية العالمية تضارب بصورة سرية في 30 مليون برميل نفط يومياً. وهذه الكمية من "البراميل الورقية"، أكبر من إنتاج "أوبك" في العام الماضي. وهذه الشركات هي "شل أويل" و"أكسون موبيل كورب" و"شيفرون". وتتاجر "شل" وحدها في 12 مليون برميل يومياً.
تقدّر نشرة "أويل برايس" الأميركية متوسط ارتفاع ثروات مليارديرات الطاقة بنحو 20%، في النصف الأول من العام الجاري
ورصد "مؤشر بلومبيرغ " للمليارديرات، ارتفاع ثروات بعض أثرياء الطاقة الذين تربحوا من ارتفاع أسعار النفط خلال العام الجاري. وحسب الرصد، فإن ثروة الملياردير الهندي موكيش أمباني، الذي يعد أكبر مليارديرات الطاقة في العالم، ارتفعت بنحو 19.1 مليار دولار إلى 95.8 مليار دولار.
ويملك أمباني شركة "ريلاينس إندستريز" التي تعد أكبر شركات التكرير والمشتقات البترولية في العالم.
وفي روسيا، ارتفعت ثروة الملياردير الروسي ليونيد مخيائيلسون بنحو 8.6 مليارات دولار إلى 33.8 مليار دولار. واستفاد الملياردير المتخصص في إنتاج وتجارة الغاز الطبيعي من أزمة الطاقة الحالية التي تضرب أوروبا وآسيا ورفعت سعر الغاز الطبيعي إلى مستويات قياسية.
وبلغ سعر الغاز في أوروبا خلال شهر أكتوبر/تشرين الثاني الماضي نحو 1300 دولار لكل ألف متر مكعب، حسب بيانات التداول على منصة "آي سي إي للعقود المستقبلية".
كما كسبت ثروة الملياردير الأميركي هارولد هام، الذي يطلق عليه لقب "أبو النفط الصخري"، نحو 9.8 مليارات دولار، حيث ارتفعت ثروته إلى 14.8 مليار دولار.
بينما ارتفعت ثروة نظيره الأميركي ريتشارد كيندر بنحو 1.4 مليار دولار إلى 8.2 مليارات دولار. وكانت المصارف الاستثمارية وشركات المتاجرة في النفط قد حققت أرباحاً من انهيار أسعار النفط في العام الماضي.
كما حققت المصارف الاستثمارية وشركات المتاجرة في النفط أرباحاً من انهيار أسعار الخامات في العام الماضي. وقال رئيس أبحاث الناقلات النفطية في آسيا بشركة "باريمار آي سي أم"، آنوب سينغر، إن إيجار الحاويات النفطية ارتفع إلى 170 ألف دولار في اليوم في آسيا خلال العام الماضي.
على صعيد تجارة الصفقات المباشرة في الخامات النفطية، حتى وقت قريب كانت أربع شركات وساطة نفطية سويسرية تسيطر على تجارة 35% من الخامات النفطية في العالم، وتتوسط في مبيعات 25% من الخامات الأفريقية التي كانت تحصل عليها بأسعار رخيصة مقابل العمولات التي تمنحها لبعض الساسة الفاسدين في أفريقيا، وهي شركات غينفور وكارغيل وغلينكور وفيتول.
وحسب البيانات المالية التي أعلنت عنها في النصف الأول من العام، حققت الشركات أرباحاً طائلة من انهيار أسعار النفط في العام الماضي. لكن هذه الشركات واجهت منافسة شرسة خلال الأعوام الأخيرة من شركات النفط الصينية التي باتت نشطة في تجارة النفط ومشتقاته. وحسب تقارير أميركية، تحصل الشركات النفطية على حسومات سعرية كبيرة من نفوط الدول التي تحظرها أميركا، وتحديداً من المتاجرة في الخامات الإيرانية والفنزويلية.