وليد رشيد القيسي: طين وخطوط وأشكال متصدّعة

13 مايو 2017
(من أعمال المعرض)
+ الخط -
دائماً هناك بداية لكل عمل ينهيه، يحطمه ويعيد تشكيله من جديد. كالهجرة التي يعيشها، في كل مرة يعيد قولبة حياته وأفكاره، ليبدأ من جديد. يتحدّى الواقع بمفاهيم مختلفة عن الفن وأشياء أخرى.

عندما قابلته قبل عدة سنوات في مشغله في الدوحة، كان وليد رشيد القيسي (1963)، الخزّاف والفنان العراقي، منهمكاً في إعادة تجميع حطام ما صنعه، بتكوين مختلف عما كان، عرف سؤالي مسبقاً؛ في بعض الأحيان يجب ألا نلتزم بالقواعد النمطية للفن، من الأفضل أن نصنع قواعد جديدة، ونخرج قليلاً عن الأساليب المعتادة.

"بدون عنوان" يختار القيسي هذا العنوان لمعرضه الحالي والمستمر حتى نهاية الشهر الجاري، في "غاليري الأورفلي" في عمّان، والذي يضمّ تجارب في الخزف والرسم. يترك المسمّى وتصنيفه للمتلقّي، على أن يجد العلاقة بينه وبين العمل لاحقاً، فهو لم يصنف أعماله يوماً ولم يسمّها.وليد رشيد القيسي

نوع من التحرر من كل شيء؛ المسميات والأساليب، حيث يقول الفنان والناقد الإسباني رافاييل بيريس، الذي قدّم للمعرض "أعمال متماسكة لأنها متحررة من الجمود، فوليد يتحرّك حرّاً بين موادٍ مختلفة، حيث تبدو الأحكام المُسبقة والتعقيد التقني كأنها أسوارٌ تحاصر الفنّان وتكون في كثيرٍ من الأحيان، عقبةً لا سبيل لتجاوزها".

قرأ، وسافر، وتأثّر. لهذا يحاول أن يستلهم أفكاره من تصنيع أعماله من المواد المختلفة، الطين كمادة أساسية، الورق والقماش، المعادن، ليضعها في مواجهة الوجود الاستكشافي، محاولاً إعادة تدوير كافة الوسائط المتاحة، لنقل تجربته نحو الآخر، بمفهوم مختلف. فهو القادم من حضارة طينية عمرها آلاف السنين. وعشقه القديم للزخارف والسطوح، جعله يكتشف تلك المواد، بالإضافة إلى دراسته الأكاديمية في العراق، وتمرّده المستمر في كسر المفاهيم، والبحث الدائم عن الخامات، التي أصبح يوظفها في معظم أعماله من خزف ورسم، التي يغيب أجزاء منها ويبرز أجزاء أخرى، من خطوط ومنحنيات وأشكال متصدعة، ليترك حرية التفكير للمتلقي، وليواجهه بالسؤال كي يستنهض منه سؤالاً آخر.

تأثّر عمله بهجرته المستمرة، من بغداد إلى عمان، ومن بعدها إلى الدوحة، التي كان فيها مشرفاً ومدرباً لقسم الخزف في "المركز الشبابي للإبداع الفني". ومشاركاته في العديد من الورش والمعارض والبيناليات العالمية، في المغرب وتونس وقطر والأردن ودبي والدنمارك وإيطاليا واليابان والصين وإسبانيا ولندن وأميركا وألمانيا.

ولأنه مشاغب بطبيعته، ولا ينتمي إلى أي اتجاه فني، يعمل القيسي على أي شيء يجده أمامه، ويتعامل مع الخامات وفقاً للحظة. وكل ما لا قيمة له يمكن أن يترك أثراً في حياته وأعماله. تبدأ عملية التصنيع معه من مرحلة التفكير اليومي، وليس في المشغل فقط، فكافة العناصر والصور والأشياء من حوله قابلة للتوظيف في عمله الفني.

المساهمون