بول فاين: بكائية على تدمر في طبعة منقحة

29 مايو 2016
تدمر، 2016، تصوير: لؤي بشارة
+ الخط -

بداية من اندلاع الحرب السورية، طُرح سؤال تدمر، وآثار الشرق عموماً، ومصيرها في ظل دخول المنطقة نفق الصراعات الدموية. لم تتأخر الأحداث حتى عاشت تدمر الكابوس الذي توجّس منه كثيرون، لتتحوّل اليوم إلى رمز وشعار يُرفع في الغرب، كثيراً باسم الحرص على الإرث الإنساني ولعلّه أيضاً في إطار شعور بالذنب.

في كتابه الذي صدرت مؤخراً طبعة منقحة منه عن منشورات "بوان" في باريس، "تدمر: كنز غير قابل للتعويض" (صدر أولاً في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي)، يضيف المؤرخ الفرنسي بول فاين بعداً ذاتياً في كتابه حول تدمر، وكأن هذا التنقيح لم يكن فقط من أجل تحديث بعض المعلومات، بعد انتهاء "أسر" المدينة على يد "داعش"، بل أيضاً من أجل إقحام صوته الشخصي.

ينطلق فاين من كونه باحثاً في الآثار يشتغل أساساً على المرحلة الرومانية، وهو عوضاً عن الذهاب إلى تدمر لمعاينة آثار الحضارات القديمة، يذهب إليها ليرى ما فعله المعاصرون بها.

يفتح فاين قوساً عن حلم إنساني بدأ في القرن الثامن عشر مع الموسوعيين في عصر الأنوار، حين اعتبروا أن الوعي الجديد للإنسان سيتيح لآثار الحضارات القديمة أن تُحفظ إلى الأبد، وأن القرون اللاحقة ستظل فقط تراكم الاكتشافات، غير أن ما حصل في تدمر أثبت أن الآثار لا تزال في مدّ وجزر.

في مقدمة العمل، كتب المؤرخ الفرنسي "لقد عدنا إلى تلك النقطة التي لا نأمل فيها بمعرفة الحقيقة التاريخية إلا من خلال الكتابات"، مشيراً أن الأثر الملموس يظل الهادي الرئيسي للمؤرخ.

يتّسم كتاب "تدمر: كنز غير قابل للتعويض" بشيء من التضخّم العاطفي، حيث يقول بـ "تدمير تدمر"، وهو ما أثبتت التقارير أنه أمر نسبي للغاية. من هنا، يمر المؤرخ الفرنسي إلى متلازمة البكائية الغربية حول الآثار باعتبار أن جزءاً من التاريخ البشري قد تم تدميره. 


المساهمون