بوب ديلان.. إنه لمطر غزير

11 ديسمبر 2016
(ديلان، بتصوير: ميشيل تران، 2015)
+ الخط -

أخيراً انتهت الفرجة التي استمرت حوالي الشهر والنصف منذ أن فاجأت "الأكاديمية السويدية" الجميع بقرار فوز بوب ديلان، إذ أقيم أمس حفل توزيع جوائز نوبل في كافة فروعها بغياب المغني الأميركي الذي اعتذر على طريقته قبل أيام بإعلانه بأن مواطنته باتي سميث ستمثّله في الحفل وتغنّي إحدى أفضل أغنياته "إنه لمطر غزيز سوف يهطل".

صمتَ طويلاً بعد فوزه وكثرت الرهانات حول موقفه حيال الجائزة، لكنه لم يرفضها ثم انطلق جدل جديد حول احتمالية عدم تسلّمه الجائزة، إلى أن أرسل كلمته التي ألقاها نيابه عنه هوراس إنجدال أحد أعضاء "الأكاديمية"، لتصبّ كل أفعاله في إطار العبث الذي أجبر مانحي الجائزة على انتظار ردّه طويلاً وجعلهم ينساقون وراء ترتيباته لا تقاليدهم.

هل ستعيش أشعار ديلان التي وصفت "لجنة نوبل" صاحبها بأن: "كتابته تعبيرات شعرية جديدة تدخل في التراث العظيم للأغاني الأميركية"؟ سؤال من المبكّر الإجابة عليه. "العربي الجديد" تنشر كلمات أغنيته (ترجمة شادي روحانا وسماح جعفر) التي كتبها عام 1962 قبل اندلاع الأزمة الصاروخية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي على أرض كوبا والتي كادت أن تؤدّي إلى حرب نووية.

عندما سُئل ديلان عن استباقه الأحداث، أجاب في مقابلة إذاعية: "المطر الذي أتحدّث عنه ليس بالمطر النووي، إنه مجرّد مطر غزير… إنها نوع من نهاية سوف تحدث لا محالة… في المقطع الأخير، عندما أتحدّث عن "كريات السمّ تفيض في مياههم"، أقصد الأكاذيب التي يقولونها للناس في الإذاعات والجرائد". الأغنية هي من ألبومه Freewheelin.


إنه لمطر غزير سوف يهطل

خبّرنا بالأماكن التي كنتَ فيها، يا أزرق العينين، حبيبي
خبّرنا بالأماكن التي كنت فيها، يا صغيري
لقد تدحرجتُ على منحدر اثني عشر جبلٍ من الضباب
لقد مشيتُ وزحفت على طول ستة شوارع ملتوية
لقد دخلتُ وسط اثنتي عشرة غابة حزينة
لقد كنتُ واقفاً أمام اثني عشر بحراً ميّتاً
وكنتُ بعمق عشرة آلاف ميلٍ من فم المقبرة
إنه لمطر غزير سوف يهطل.

خبّرنا بالأشياء التي رأيتها، يا أزرق العينين، حبيبي
خبّرنا بالأشياء التي رأيتها، يا صغيري
رأيت طفلاً حديث الولادة محاطاً بذئاب بريّة
رأيت طريقاً من الماس خالياً من الناس
رأيت غصناً أسودَ ما يزال يقطر دماً
رأيت غرفة مليئة برجال يحملون مطارقَ تنزف دماً
رأيت سلماً أبيضَ مغطّى بالمياه
رأيت عشرة آلافٍ يتحدّثون بألسن مكسرة
رأيت بنادقَ وسيوفاً حادّة بأيادي الأطفال
إنه لمطر غزير سوف يهطل.

خبّرنا بالأشياء التي سمعتها، يا أزرق العينين، حبيبي
خبّرنا بالأشياء التي سمعتها، يا صغيري
سمعتُ صوت الرعد، يزأر محذّراً
سمعت زئير موجة بإمكانها إغراق العالم بأكمله
سمعت عشرة آلاف طبّال أيديهم مشتعلة
سمعت عشرة آلاف يهمسون ولا أحد يصغي
سمعت شخصاً واحداً يتضوّر جوعاً، وسمعت أشخاصاً كثراً يضحكون
سمعت أغنية شاعرٍ توفي في المزراب
سمعت صوت مهرّجٍ كان يبكي في زقاق
إنه لمطر غزير سوف يهطل.

خبّرنا بما صادفته، يا أزرق العينين، حبيبي
خبّرنا بما صادفته، يا صغيري
صادفت طفلاً صغيراً بجانب حصان ميّت
صادفت رجلاً أبيضَ ينزّه كلبه الأسود
صادفت امرأة شابّة جسمها يحترق
صادفت صبيّة صغيرة، منحتني قوس قزح
صادفت رجلاً مجروحاً بالحب
وصادفت آخرَ مجروحاً بالكراهية
إنه لمطر غزير سوف يهطل.

خبّرنا بما ستفعله الآن، يا أزرق العينين، حبيبي
خبّرنا بما ستفعله، يا صغيري
عليّ أن أعود قبل هطول المطر
سوف أمشي في أعماق الغابات السوداء الأكثر عمقاً
حيث الناس كثر وأياديهم فارغة
حيث كريات السمّ تفيض في مياههم
حيث يلاقي المنزل في الوادي، السجن القذر الكئيب
حيث وجه الجلاد دائماً مخفي بأحكام
حيث الجوع قبيح، والنفوس منسيّة
حيث اللون هو الأسود، حيث العدد هو اللاشيء
وسوف أحكي هذا وأتخيّله وأتحدّث به وأستنشقه
وكل هذا من أعلى الجبل حتى يشاهده الجميع
وسوف أظلّ واقفاً على سطح البحر حتى أبدأ بالغرق
لكنّي سأحفظ أغنيتي بإتقان قبل أن أغنّيها
إنه لمطر غزير سوف يهطل.

المساهمون