استمع إلى الملخص
- **الجهد البدني والدراما السردية**: تعكس أعمال ماهاما الجهد البدني لعمال غانا خلال الاستعمار، متضمنة لوحات لشبان غانيين وصوراً وأفلاماً لمجموعات تجرّ محركات صدئة، بالإضافة إلى فيديوهات ورسومات لعمال السكك البريطانية.
- **الروح المثالية بعد الاستقلال**: يحاكي ماهاما الروح المثالية بعد استقلال غانا من خلال موسيقى تصويرية وصور لنساء يقرأن خطابات برلمانية، مستكشفاً الآثار الكولونيالية باستخدام الخرائط والمواد الأرشيفية والصور الفوتوغرافية.
يعود الفنان الغاني إبراهيم ماهاما إلى عام 1923، حين قام الاستعمار البريطاني بتوسعة سكك الحديد في بلاده، لتربط مناجم الذهب والمعادن ومحصول الكاكاو بموانئ غرب أفريقيا المستعمَرة، التي كانت تغطيها شبكة قطارات آنذاك، حيث جمع مواد من تلك السكك القديمة.
مشروع جديد حول التأثيرات الثقافية والاجتماعية لما بعد الاستعمار والهجرة العالمية يقدّمه ماهاما في معرضه "أغاني عن الورود"، الذي افتتح في فضاء "فروت ماركت" بأدنبرة، عاصمة إسكتلندا، في الثالث عشر من تموز/ يوليو الماضي، ويتواصل حتى السادس من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.
يستخدم ماهاما رسومات الفحم والحبر بالإضافة إلى الأعمال النحتية والإنشائية والأفلام، مازجاً فيها مواد من السكة الحديدية المهجورة التي ينقلها إلى بريطانيا ليعيد تثبيتها فوق محطة ويفرلي بإسكتلندا تحديداً، بهدف إبراز الاحتجاج على السياسات الاستعمارية، سواء من خلال الوسائط أو أدوات تعبيره، حيث يأخذ المعرض اسمه من أغنية لفرقة إسكتلندية تقول كلماتها: "نحن لسنا بحاجة إلى أغان عن الورود/ من فضلك غنّ لي شيئاً جديداً/ نحن لسنا بحاجة إلى أغان عن الورود/ كلّ ما نطلبه هو الحقيقة".
يستخدم مواد من السكة الحديدية للاحتجاج على السياسات الاستعمارية
ثمّة بُعدٌ سردي درامي تعكسه الأعمال المعروضة، ومنها لوحة مرسومة بالفحم لشبان غانيّين يحملون أجزاء من خطوط السكك الحديدية، فوق سجلّات قديمة لـ"شركة غانا القابضة الصناعية" (GIHOC)، التي أُنشئت بعد الاستقلال مباشرة. وهناك أيضاً صور وأفلام لهذا العمل، ولمجموعات كبيرة من الناس يجرّون محرّكات صدئة ومتآكلة.
يركّز ماهاما على الجهد البدني الهائل الذي كان يبذله عمّال بلاده، خاصّة في مرحلة الاستعمار التي استمرّت لستّة عقود، في تقصّد لإظهارهم بشكل جميل وأجساد قوية، رغم تعرّضهم لانتهاكات جسيمة واستغلال استمرّ حتى بعد الاستقلال، في حالات حوادث عديدة أودت بحياة الكثير منهم، وأصابت آخرين بعاهات دائمة.
يستحضر عملٌ ثانٍ مجموعة من العمّال يتصبّبون عرقاً أثناء رفعهم أعمدة الحديد الضخمة خلال إنشاء السكك، كما يعرض تركيباً يضمّ فيديو أنتجه عام 2019، ورسومات جديدة لعمّال السكك المصنوعة في مدن بريطانية خلال الفترة الاستعمارية، مثبَّتين على هياكل من العوارض والقضبان.
ويحاكي ماهاما في أعمال أُخرى الروح المثالية التي كانت سائدة بعد نيل غانا استقلالها، تلاحَظ من خلال الموسيقي التصويرية في مادة فيلمية ترافق صورة لامرأة شابة تقرأ خطاباً في دورة برلمانية من تلك السنوات، وهي تثير الإعجاب رغم مرور زمن طويل، وتقديمه الآن لجمهور غير جمهورها.
وُلد إبراهيم ماهاما في مدينة تامالي الغانيّة عام 1987، وحقّقت أعماله تكريمات وجوائز منذ مشاركته في "بينالي البندقية" عام 2015، بعمله "خارج الحدود"، الذي غطّى فيه جداراً ضخماً بأكياس الجوت المصنّعة من القماش، وكانت تُستعمل لحمل محصول الكاكاو في غانا، بينما تُستخدم الآن كأوعية لنقل الفحم، في إشارة إلى تاريخ محتشد بالقصص المنسية حول العمّال الغانيّين في أعمال الحصاد والتعدين والنقل وغيرها.
وفي معظم أعماله، يستكشف ماهاما الآثار الكولونيالية اعتماداً على الخرائط والمواد الأرشيفية والصور الفوتوغرافية لإعادة سرد تاريخٍ مهمل للأفراد والجماعات، وتحليل العلاقة بين الفرد والمجتمع داخل غانا بُعيد استقلالها، وأنظمة رأس المال وأنماط الإنتاج، وما تركته من تحوّلات ترتبط بالفساد وتلوّث البيئة وتراجُع المدن والمعيشة.