"الجزائر للكتاب": كل عام والنشر في أزمة

07 نوفمبر 2016
من المعرض، تصوير: بلال بن سالم
+ الخط -
هو يقصُّ شريط افتتاح الدورة الحادية والعشرين من "معرض الجزائر الدولي للكتاب" التي اختُتمت فعالياتها أوّل من أمس السبت، ألقى الوزيرُ الأوّل الجزائري، عبد المالك سلّال، بعض الكلمات كما جرت عليه العادة في مناسباتٍ بروتوكولية كهذه، مثيراً مسألتَين، أو بالأحرى موجّهاً دعوتَين للناشرين إلى "دخول الأسواق الدولية للكتاب"، و"الاهتمام بتطوير الكتاب الرقمي".

نظرياً، يُثير هذا الكلام تساؤلاً عمّا إذا كانت الدولة قد انتبهت أخيراً إلى أهمّية الكتاب، مشكلاته وممكناته كأفق معرفي واقتصادي. لكن على الصعيد الفعلي، يعيدنا إلى واقع سوق الكتاب في الجزائر، وما الذي فعلته الدولة من أجل تحريره وجعل الإصدارات تُنشر على نطاق واسع؛ إذ ليسَ سرّاً أن الكتاب الجزائري لا يُوزّعُ على المستوى المحلّي، فما بالك بالمستوى الدولي.

ينسحب هذا الغياب على معارض الكتاب الأجنبية التي تغيب عنها الجزائر عادةً، أو تكتفي بتسجيل حضور محتشم من خلال جناح لوزارة الثقافة لا يقدّم ما يُعرض فيه صورةً صادقة عن الحراك الذي يشهده التأليف والنشر في الجزائر؛ إذ تغيب الإصدارات الجديدة والجادّة. وهذا الغياب يشكّل مسألة يشتكي منها الناشرون أنفسُهم، ولا يبدو أن ثمّة من حلّ لها من دون وجود إرادة سياسية حقيقية.

هكذا، تبدو دعوة المسؤول الجزائري بمثابة كلام مرسل، بما أن الناشر قرّر الاكتفاء بتحصيل الدعم الذي تقدّمه له من دون أن يبذل كثير عناء في البحث عن سبل لتوزيع مطبوعاته.

أمّا دعوته الثانية، فيمكن إدراجها في سياق الطرفة؛ فالجميعُ يعرف ألّا وجود لكتاب إلكتروني أصلاً حتّى يجري الاهتمام به، ناهيك عن أن أبسط مشكلات الكتاب التقليدي لم تتجاوز حتّى نذهب إلى تطوير الكتاب الإلكتروني؟

يقول سلّال إن "ميدان الكتب في الجزائر بلغ مستوى هامّاً"، من دون أن يُقدّم دلائل تؤكّد استنتاجه الذي استند فيه، ربّما، إلى الأعداد الهائلة لزوّار المعرض وأرقام المبيعات المرتفعة.

لكن المؤكّد أن المعرض نفسه لا يأتي إلاّ ليؤكّد حقيقة أزمة الكتاب؛ فبإمكانك، وأنت تجول بين أروقته، أن تلمس استياء جميع أطراف المعادلة القرائية من الوضع: يشتكي القارئ من ارتفاع الأسعار، ويشعر الكاتب بأنه يقبع على هامش المعادلة؛ إذ يجلس وحيداً أو رفقة بضعة أصدقاء متعاطفين في انتظارٍ قارئ يوقّع له كتابه الجديد، هو الذي لا يأخذ من عائدات كتابه -إن أخذ- إلا الفتات.

أمّا الناشر، فسيتبرّأ من أيّة مسؤولية ويعتبر نفسه الضحية الأولى. خلال هذه الدورة، سألت أحدهم عن سبب طغيان الكتب شبه المدرسية على جناحه، فأجاب: "التوجّه إلى الكتب التجارية ليس خياراً، بل ضرورة تمليها معطيات السوق. نحنُ مؤسّسة اقتصادية في النهاية، يعمل فيها عشرات الموظّفين الذين يجب تسديد مستحقّاتهم نهاية كلّ شهر. وعليك أن تعرف أننا لا نحصّل ديناراً واحداً بين حزيران/ يونيو وأيلول/ سبتمبر من كل عام، بسبب العطل الصيفية".

المساهمون