جاءني الشِّعر يا أبي

07 نوفمبر 2024
سابيثا ساتشي
+ الخط -

قصيدتان إلى أبي
(إلى ك. ساتشيداناندان)

النهار والليل
مثلما توقظ أشعة الشمس
عينك الثالثة بلمستها يا أبي 
تلمع النجوم مثل شموس كثيرة
من أجلي؛ الليل حُمّاي، 
عُزلتي المُحكَمة، صفحتي 
الفارغة، كينونتي المخضخضة،
المتعافية. 

سَلَطة البيت
سَلطةُ البيت سلبَت لُبّي يا أبي، 
الزيتونات الخضراء، الخسّ، الريحان
المُعطَّر بالمزرعة، والطماطم التي تتدحرج
من لسانك، دعنا نترك السماءَ المتراكمة
تجفُّ كيفما اتفق على حبل الغسيل،
والريحَ المتناثرة من عاصفة الحرارة
التي تقرص، ولكنها لا تحمل أغنية على ذَيلِها الناعم
البالي الذي يسقط حالما تلمسه. 


■■■


عودة إلى الأصول - بعد نيرودا

جاءني الشِّعر يا أبي
مع صفائح الحبر السوداء السميكة 
في رياح الجنوب الموسمية، 
مع النُّهَيرات الصغيرة التي نزفَت 
على الدروب المُتَّسخة بالحُمرة، المُغمَدة
بأسرِّة من الحصى وحجارة اللاتيريت، 
مع رعد عواصف أكتوبر
التي أرسلَت أعشاش الطيور الحبّاكة 
إلى نخلاتٍ تتمايل بعُنف
مثل ممسوساتٍ في معبد
يرقصن على قرع طبولٍ وكَلماتٍ لا تُسمَع
زلقةٍ مثل عيونِ الآلهةِ السمَكيَّة. 

قبضنا على الشِّعر بومضات 
من الخفقان الفضّي والذُّعر الحيتاني 
أطلقناها لتطفو بحرَّية، لتصبح مُتهكِّمة، 
على تياراتٍ مُتزامِنَة مولودة ذاتياً. 
تشبَّثت بالغُصَين النحَوي 
لكزنا ثقوب السَّلطعون 
في حقول الأرز الموحلة الخشنة 
حيث تحدَّثنا بعض الأحيان 
مع الشبح الضاوي للشاعر ب. 

جاءني الشِّعر يا أبي 
مع الأَرجُل البيضاء لأُم عُقدة
والصُّفرة الهشَّة للنبتَة الخجولة
وازهرار الأونام سريع الزوال
بجانب مسار الدرّاجات إلى المدرسة. 
أحياناً، توسَّلَت إليّ بعصبيَّة 
لأُغنّي نيرودا، بمالاويَّة 
مالحة مُتقطِّعة، متحدِّيةً 
رنَّة فاليهو المُزمِنة. 

أو يمكن أيضاً أن أكتُب أنَّ الشِّعر، 
تلك المُسَرنَمةُ المزاجيَّة المُزريَة 
كثيراً ما أغفلَت الجوهر الرمليَّ
للقوائم المُفَصَّلة وحُزن 
الكتالوجات غير المقروءة 
وجمال قُصاصات الورق،
– تلك الأرِقَةُ سيئةُ المزاج – بمَشيَتِها 
الوقحة على صفحتك في 
نزهة ليليَّة، لَم تترك لك حتى 
سيكارة لتُنفِّس بها عن غضبك. 


■■■


لَم تكن هنا 
(إلى نجيب محفوظ)

بحثتُ عن أولاد
الحارة العابسين 
الراكضين في ممرّاتِ 
الظلالِ المحفوفة بالمخاطر، 
عن السكاكين المرتعشة
والسلالم الحجرية، الثَّمِلة 
بالنراجيل الملتوية
والرنين الأزلي
للزجاج على الزجاج، 
عن أشجار الليمون اللاذعة والشاعريَّة،
عن قمر الصحراء المخمور
الذي يسعى بتهوُّر
وراء الحافة الحادة للكفاح
أو عن الحجاب الشفاف
لزوجةِ رجل آخَر. 

ولكن في هذه المدينة القديمة
مدينة الحكايا والأساطير،
أنتَ يا محفوظ، الأكبر سناً منها، 
مؤرِّخ القاهرة، 
لَم تكن هنا. 


■■■


أغاني التمرُّد

1: التمرُّد الثالث عشر لديدان الأرض

نحن نفلح الأرض ونحرث الحقل
لا يمكننا الانتظار حتى ترجع الأبقار 
إلى مساكنها، لا، نحن نتكاثر
تحت أصابع قدميك ونمضغ بصمت، 
نلوك الأرض، نُعِدُّك
لتعجيل رعد
نهايتك، التي اقتربت الآن
أقرب فأقرب فأقرب، وينهمر المطر
ليمحو آثار النهب
في بلاشيمادا وشينغارا 
نضرب طبلة الشيندا ونهتز رقصاً، 
ممسوسين وغاضبين، بينما مؤدّو الثيّام يتلوّون 
وأنتم تمزِّقون إرباً وتشربون دماء
أرضنا هذه، أرض ديدان الأرض. 

في المستنقع بين العلَق
نُخطط ونقلب الأرض
إلى كلام، نعم، نحن نتكلَّم
ليس على تلفازك، بل لكي نُغيِّر ونطالب
بالأرض التي نفلحها، الأرض التي نخضُّها 
الأرض التي نحن – وليس أنتم – نفهمها. 
شاهدوا ديدان الأرض المسلوبة
تتقدم وتتقدم، في انهيار 
مسيرتنا التي بلا أرجُل، طيراننا الذي بلا أجنحة
نقضم ببطء من دون أن تعرفوا 
عدسة المَسّاح وشعور المُنقِّب
بقيمة هذه الأرض عندما 
نهتز أقربَ فأقرب فأقرب من الأرض تحت 
سيقانكم العدّادةِ الميكانيكيَّة الصلبة. 

ونمضغ الغصن المثنيّ بالعسل
المجبول من التضامن بينما يشدُّ البارايا طبلَ شينداه
ومع الغِربان والبُوقيرات والسُّحب 
الرعدية نَثمَل على أمطار التمرُّد 
تعزف البولوفا على قيثارتها المصنوعة من الصلصال
يشدُّ البارايا طبلته وينقرُ
الثورةَ 
ثورة ديدان الأرض، ها نحن نتقدَّم، 
تعالوا تعالوا أيها الشعب 
ها قد حلَّ التمرُّد 
تمرُّد ديدان الأرض، زغاريد
"ثيّامِ" الثورةِ 
المسلوبة – 
مطرُ ديدان الأرض والكلمات والديدان. 

 

* ترجمة عن الإنكليزية: أنس طريف


بطاقة 

Sabitha Satchi، شاعرة من مواليد كيرلا، الهند. درست في كيرلا ودلهي ولندن، ودرَّست اللغة الإنكليزية في "جامعة دلهي" لخمس عشرة سنة. نُشرت قصائدها في عدد من الأنطولوجيات الشعرية، من بينها: "الغناء في الظلام" (دار بنغوين راندوم هاوس، 2021)، و"ديوان بنغوين للشعر الهندي المعاصر" (دار بنغوين، 2021)، كما تُرجمت إلى عدد من اللغات العالمية. نالت منحاً وزمالات وجوائز، من بينها "جائزة فيلوبّيلي سريرخا للشعر المكتوب بالماليبارية" (حيث تكتب باللغتَين الإنكليزية والماليبارية). القصائد التالية من مجموعتها الشعرية الأخيرة بالإنكليزية التي تحمل عنوان: "الآخرة". 

نصوص
التحديثات الحية
المساهمون