كانط غير جاهز

26 يناير 2016
نيكي نودجومي/ إيران
+ الخط -

طوال القرن العشرين، طالما طُرح السؤالُ، حين بدت الثورات غير قابلة للوقوع عربياً، ثم بدا مغيّباً وقتَ أن ظهرت الثورات فوق الأرض. هذا السؤال الذي اختزله حسن حنفي: "هل يمكن التثوير قبل التنوير؟".

بالعودة إلى أفق التفكير العربي وقتها، وكأن الإجابة قابلة للاستنتاج؛ لا يمكن. لكن الواقع قال بغير ذلك، إذ ظهرت الثورات. ولعل سبباً رئيساً في الهرولة بالتشكيك فيها وعدم الانتصار المبكّر لها، هو ذلك الأفق الذي انتهى بالقول جازماً بعدم القدرة "الآن وهنا".

هذا قبل أن تتلقف الثورات منعرجات أخرى ومصالح ومطبات، ثم يمزَّق جسدُها برصاص السياسة أو بسيوف التطرّف الديني أو بالغازات الفكرية السامة.

قد يكون مناسباً عند الحديث عن التنوير استدعاء مراجعه، وإعادة طرح السؤال الأم: سؤال كانط "ما التنوير؟" والذي أجاب عنه، إنه الخروج من حالة العجز عن التفكير.

لعل هذه الإجابة تنسف الحديث عن أولوية بين التثوير والتنوير، فلربما يصح أنه في حال لم يسبق التنوير الثورة، كانت الثورة عاملاً لقلب الأرض كي تُلقى فيها بذور التنوير. لكن أي تنوير؟

كانت النخبة الألمانية، في القرن الثامن عشر، قد تحسّست من الأنوار الفرنسية المُصدّرة، ومن هنا بدأ الاشتغال على الهوية الفكرية الألمانية. اليوم، لعلنا في نفس التحدي، ثمة تنوير جاهز ومعلّب، وثمة تنوير لا ينتمي سوى إلى تعريفه: الخروج من حالة العجز عن التفكير.



اقرأ أيضاً: سردية جائرة
دلالات
المساهمون