بينما تهبط الظلمة

25 مارس 2015
سروان باران / العراق
+ الخط -

المصريون يضربون مثلاً بالتي "رقصتْ على السلّم" لحال الذي أتى فعلاً استعراضياً من دون أن ينتبه إليه أحد.

نحن منذ البداية آثرنا أن نرقص في حجرة مظلمة. حجرة كنا نعرف أن ضوء المساء مغادرها لا محالة، وأخيراً ها هي العتمة. الرقص لا يتوقف.

هذا الضرب على البُزق يناسب ما يجري. لحسن حظ من يمثّلون أدوار الشعراء أن هؤلاء الأخيرين - من هم مِنْ "قلبٍ ورَب" تحديداً - هجّوا وتركوا السوق لبدلائهم. طلال بو خضر هو أحد الهاجّين.

أنت لا تعرفين "الجاموقة"، لكنّ قلبكِ الطريّ متين بما يكفي لأنقل لك تعريفه لها: "حُفرة عموديّة في التراب يَضع فيها الضبّاط كل ما يتبقّى لديهم من فضلات الطعام وبقايا اللحوم الفاسدة والجرذان النافقة والعصائر المختلطة إلى أن يُتوّجوها أخيراً بالتبوّل فيها وصب طبقة سائلة من مادة الخَراء الطازجة... وتعطى أوامر صارمة للشخص المُعاقَب بأن يغطس فيها بالكامل ثم أن يتمدّد مُستريحاً في شمس الصيف الجميلة... يحدثُ أيضاً أن تتم جومقة منطقة أكبر من بلد، قارّة مثلاً".

هل تدوم لنا نعمة الرقص في الحجرات بينما تهبط الظلمة بحنان بارد؟ خالد جبران، صاحب البُزق أعلاه، لا يعرف طلال بو خضر لكنه بالتأكيد يعرف عمّا يتحدّث الأخير. من حجرته في القدس يصلني الآن ما يخفّف، ليس من رائحة "الجاموقة" (تلك لا يخففها شيء)، بل من مشاهدة المتلهّفين للنزول فيها.

مقطوعة "أصفهان"، من "مزامير" خالد جبران

دلالات
المساهمون