يوم العمارة العالمي: مستقبل العمران بعد كورونا

05 أكتوبر 2020
(مشهد من مدينة كاتماندو في نيبال، Getty)
+ الخط -

في يوم العمارة العالمي الذي يصادف اليوم الإثنين، تركّز معظم الاحتفاءات على أزمة السكن في ظلّ تفشي وباء كورونا منذ أشهر، حيث وجد آلاف اللاجئين والمشرّدين بفعل الكوارث والحروب والمجاعات والفقر أنفسهم بلا مأوى، في وقت أطلق فيه "الاتحاد الدولي للمعماريين" شعار "نحو مستقبل أفضل للعمران" لهذا العام.

منذ عام 2005، يقف الاتحاد الذي يضمّ حوالي مليون وثلاثمئة ألف معماري حول العالم من أكثر من مئة وعشرين بلداً، في هذا اليوم لشكر العمل الذي يقوم به المهندسون المعماريون والإشادة ببعض الأعمال المعمارية العالمية غير العادية. تقام الأحداث في مواقع مختلفة كل عام، إلى جانب دراسة المشاريع المستقبلية والتخطيط لها.

تشير الدراسات إلى أن الجائحة أجبرت معظم البشرية على إعادة النظر في الطريقة التي يعيشون ويعملون بها. في البيئة المبنية، حيث بدأ المهندسون المعماريون يعيدون التفكير في مناهج التصميم الخاصة بهم خارج الأعمدة والمرفقات، وفي مقدّمتها رفاهية مستخدمي المباني التي يصمّمونها إلى جانب العديد من العوامل الأخرى في البيئة.

تغيّر مفهوم السكن بعد "كوفيد – 19" بات التحدي الأكبر أمام المعماريين

تغيّر مفهوم السكن بعد "كوفيد – 19" بات التحدي الأكبر أمام العمارة، حيث التوجّه العام نحو أن يتكيّف التصميم مع البروتوكولات الصحية، ويتمثّل التغيير الجوهري في الاعتماد الأقل على أنظمة تكييف الهواء، والتخطيط لمساحات أوسع وتوفير الهواء الطبيعي كلما أمكن ذلك، ليس لأنها صحية فحسب، بل إنها مستدامة وموفرة للطاقة أيضاً.

لا يمكن للهندسة المعمارية إنقاذ العالم من الأوبئة بمفردها، حيث يفترض أن يجمع التخطيط الحضري بين خبرات وممارسات متعدّدة يدخل من ضمنها الصحة العامة، والنقل والموصلات، وعلم النفس البيئي، والعلوم الحيوية، وحتى الزراعة وهندسة الحدائق وغيرها.

ونتيجة لهذه الظروف المستجدة، برز مؤخراً ما يسمّى هندسة الأزمات أو هندسة الطوارئ وهو مفهوم يحتلّ مركز الصدارة منذ ارتفاع أعداد النزوح وتشييد مخيمات اللاجئين في العقد الأخير، أضيف إليه ضرورة التفكير بالأمراض والحوادث الطبيعية، ما بتطلب تعزيز الاستدامة في منزل سنقصي فيه ساعات أطول تحتاج إلى توفير الراخة ومنها استغلال المساحات الخضراء والحدائق، وأسطح المنازل القابلة للاستثمار، والضوء الطبيعي، والتهوية، والشرفات، والتراسات، والبيئات الداخلية البسيطة والصحية، والمداخل الانتقالية والمصفاة، الخ.

برز مؤخراً ما يسمّى هندسة الأزمات مع ارتفاع أعداد اللاجئين والتفكير بالأمراض والحوادث الطبيعية

مناقشة البدائل الجديد تستحوذ على اهتمام المعماريين اليوم والتي ستولّد حتماً أشكالاً جديدة من المعيشة، حيث يجري الاعتماد أكثر على الهياكل خفيفة الوزن والأجزاء المرنة داخل المنزل، وكذلك التخطيط لتكوينات جديدة مع وضع تدابير التباعد الاجتماعي في الاعتبار، كما سيتم تغطية الأسطح بمواد تمنع انتشار الأمراض وتوجيه التصميم نحو القضاء على مخاطر انتقال العدوى.

من جهة أخرى، سينعكس ذلك على تخطيط المدن بوصفها بؤرة انتقال الأمراض، حيث هي الأكثر تضرراً من فيروس كورونا، مع الازدحام والاكتظاظ بفعل الانفجارات السكانية المتزايدة، ولذلك سيعاد التفكير بالأماكن العامة من اجل إنشاء مناطق عازلة وآمنة تضمن السلامة الشخصية، مستوحاة من حدائق الباروك الفرنسية وحدائق زن اليابانية.

التفكير بالوباء أصبح أيضاً ملازماً لتركيز المعماريين على تصميم أبنية تتوافق مع التغيرات المتسارعة والدائمة  في المناخ، وكلّ ذلك يتطلب التوفير في موارد البنية التحتية، من أجل السماح للناس بالتواصل، ورؤية الجيران، والمشاركة في حياة الشارع لكن ضمن اشتراطات جديدة يبدو أنه لن يتم التراجع عنها في المستقبل.

المساهمون