شهدت فنون العمارة تطوراً كبيراً خلال فترة حكم الفاطميين التي امتدّت حوالي مئتي عام على صعيد التصميم مع تعدّد صحون المسجد بعد أن كانت المساجد تتكون من صحن واحد، كما تمّ استخدام مواد جديدة مثل الطوب الأحمر في بناء القباب والجدران الداخلية، إلى جانب الإضافة في الزخارف والنقوش، وشاع استخدام المقرنصات التي تشبه المحاريب في أجزاء متنوعة من البناء نفسه.
"عمارة الخلافة الفاطمية وتاريخها" عنوان المحاضرة التي ألقاها الباحث والمتخصص فى الآثار الإسلامية يوسف أسامة عند السادسة من مساء أمس السبت في "بيت المعمار المصري" بالقاهرة، استكمالاً لمحاضرة سابقة قدّمها في الموضوع نفسه.
وركزت المحاضرة السابقة على الفترة الأولى من التاريخ الفاطمي التي استمرت حوالي القرن، وسمّيت عصر الخلفاء العظام، وانتهى زمن الخليفة المستنصر بالله (1029 – 1094) وتعاظم العمران خلال هذه المرحلة على امتداد الدولة في مصر وبلاد الشام.
أضاء أسامة في هذه المحاضرة على الفترة الثانية التي أسماها ابن خلدون "طور الانحطاط"، مع تدخّل الوزير بدر الدين الجمالي في شؤون الحكم، ليبدأ عصر الوزراء العظام الذي انتهى مع وصول آخر هؤلاء الوزراء، وهو صلاح الدين الأيوبي، الذي فكّك الدولة الفاطمية ليبدأ عصر جديد.
وأوضح المحاضر أن مصر خلال هذه الفترة كانت تتحرك بحرية تامة تتصف بالذاتية والاستقلال الكاملين، ما جعلها تعبر تعبيرًا صادقًا عن شخصيتها الذاتية، وظهر هذا بوضوح فى أحوالها الداخلية ونظمها ومظاهرها الحضارية فى العمارة والفنون.
كما أشار إلى أن هذه الشخصية الذاتية الواضحة للعمارة المصرية ربما هي التي دفعت المؤرخ تقي الدين المقريزي (1364 – 1442) إلى وصف الخلافة الفاطمية بالخلافة المصرية، ووصف الخليفة الفاطمي نفسه بالخليفة المصري.
من النماذج التي تناولها أسامة مسجد الصالح طلائع، وهو آخر مسجد بناه الفاطميون قبل سقوط حكمهم بنحو أحد عشر عاماً، ويُعرف أيضاً باسم "المسجد المعلق" حيث يقع أعلى من مستوى الشارع، بالقرب من باب زويلة، ويضم نقوشًا قرآنية بالخط الكوفي، وتبلغ مساحته 1522 متراً مربعاً، وله أربع وجهات مبنية بالحجر، أسفل ثلاث منها حوانيت.