تقف هذه الزاوية، مع مبدعة عربية في أسئلة سريعة حول انشغالاتها الإبداعية وجديد إنتاجها. "لا أنتظر أي تغيير إلا إذا كان محرّك السؤال هو التماهي مع "الشعوب" تقول الكاتبة والباحثة اللبنانية في حديثها إلى "العربي الجديد".
■ ما الذي يشغلك هذه الأيام؟
- لبنان. ثم لبنان. يأكل وقتي وقلبي. يومياً، وأحياناً لساعات طويلة. كل يوم أقول إن ثمة أشياء أخرى، أسرق الانتباه إليها من نفسي: المناخ. الهجرات. الصين. الموارد. الجمال. تحوّلات العلاقة بين الجنسين...
■ ما هو آخر عمل صدر لك وما هو عملك القادم؟
- آخر عمل هو دراسة ميدانية عن يساريين لبنانيين، وسياقات انخراطهم في أحزاب شيوعية. وانفصالهم أو ديمومتهم، وانقسامهم الحاد حول "الممانعة"، المتمثلة في لبنان بـ"حزب الله". عنوانه "يساريون لبنانيون في زمنهم". عملي القادم؟ أطبخه على نيران متفاوتة. بصفته على علاقة بالحرب أو بالحروب.
■ هل أنت راضية عن إنتاجك ولماذا؟
- لا راضية ولا محبطة. ربما هو القتال المستمر. ولكن بلى... حالتَا الرضى والإحباط، أعرفهما. وإنما للحظات. يعود بعدها الصراع من أجل البقاء، أقوى من كل شيء، يرفدني بالمدَد. الحياة لا تمزح في ساحة الحروب المتواصلة.
■ لو قيّض لك البدء من جديد، أي مسار كنت ستختارين؟
- من جديد؟ بعقلي هذا؟ بعمري هذا؟ أو من دونهما؟ البدء من جديد أو الولادة من جديد؟ سؤال طوباوي، أو دعوة إلى الأحلام. حسناً. كنت اخترتُ الغناء والرقص. ولكن هل كنت بذلك سأتجنبّ شرور القدر والاجتماع الإنساني؟
■ ما هو التغيير الذي تنتظرينه أو تريدينه في العالم؟
- لا أنتظر أي تغيير. وربما لا أريد لأنني لا أستطيع افتعال الانتظار. إلا إذا كان محرّك السؤال هو التماهي مع "الشعوب" التي "إذا أرادت يوماً"، فسوف "يستجيب القدر"... وهذا موضوع آخر... قائم بذاته.
■ شخصية من الماضي تودين لقاءها، ولماذا هي بالذات؟
- الفنان والعالم الإيطالي ليوناردو دافنشي، وحبّه الغريب للموناليزا. قصة حب نورانية، محلّقة الروح. في ابتسامتها وعينيها، والمشعَّتين حزناً وأملاً، رقصاً وعفّة. لم تكتمل. لأن الموناليزا قضت بحادث عرَبَة. عندما لمح الملك الفرنسي فرنسوا الأول لوحتها التي باتت تُعرف بـ"الجوكندا"، طلب من دافنشي شراءها. وهذا الأخير وضع شرطاً واحداً على البيع: أن يتسلمها الملك الفرنسي بعد وفاته.
■ صديق/ة يخطر على بالك أو كتاب تعودين إليه دائماً؟
- يخطر ببالي كتاب "الشخصية المحمدية" للعراقي معروف الرصافي. من ثلاثينيات القرن الماضي. كتاب ضخم محظور. شديد الثراء بصفائه الذهني، واستيعابه لمراجعه المتخاصمة، بإيمانه "النقدي"، إذا جاز التعبير. قد يتحوّل يوماً إلى كتاب أيقونة لو أخذ العرب بعضاً من حقهم في إعادة قراءة تاريخهم.
■ ماذا تقرئين الآن؟
- انتهيتُ للتو من قراءة ثلاثية التونسية هالة الوردي، ومكتوبة بالفرنسية: "La déchirure"، و"A l’ombre des sabres"، و"Meurtre à la mosquée". هي ثلاثية شيقة، رصينة، سياقية. تروي سنوات نشأة الإسلام الأولى بعد وفاة الرسول، عهدَي أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب. قرأت قبل ذلك أول كتبها "الأيام الأخيرة لمحمد". وأتمنى أن تكون الآن بصدد الإعداد للبقية، أي عَهديْ عثمان بن عفان وعلي بن ابي طالب.
■ ماذا تسمعين الآن وهل تقترحين علينا تجربة غنائية أو موسيقية يمكننا أن نشاركك سماعها؟
- اكتشافات: فرق الأمازيغ الجديدة. الموسيقار القيرغيزي إميل غستاروف. فرقة المصري حسن شاكوش للمهرجانات الشعبية. أغنية "أمانة عليك" لكارم محمود، ولكن بصوت حمزة فضلاوي. وبعض أرقى أغاني من الربرتوار المسمّى "هابِط".
من القديم: أعود إلى عبد الحليم وعبد الوهاب. بعض مقاطع من "الأطلال" و"أنت عمري" لأم كلثوم.
وكذلك سيرج ريجياني، خصوصاً "الحنين... سيدتي"، وأدامو "الليل"، وجورج برانسنز، وليو فيري.
بطاقة
كاتبة وباحثة لبنانية من مواليد دكار في السنغال عام 1952. من مؤلفاتها: "غرامشي في الديوانية" (1994)، و"دنيا الدين والدولة" (1994)، و"أخوات الظل واليقين" (1996)، و"السياسة أقوى من الحداثة" (2000)، و"مصر ضد مصر" (2008)، و"مصر التي في خاطري" (2011)، و"سنوات السعادة الثورية" (2015)، و"دفاتر الحرب الأهلية" (2017)، وصدر لها نهاية السنة المنقضية كتاب "يساريون لبنانيون في زمنهم" عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات".