وقفة مع حسام الدين درويش

11 اغسطس 2022
حسام الدين درويش (تصوير: سعد ياغي)
+ الخط -

تقف هذه الزاوية مع شخصية ثقافية عربية في أسئلة سريعة حول انشغالاتها الإبداعية وجديد إنتاجها وبعض ما تودّ مشاطرته قرّاءها. "تحوّل اهتمامي من الهيرمينوطيقا والترجمة إلى الفلسفة السياسية والأخلاقية ودراسات الفكر العربي والإسلامي المعاصر"، يقول الباحث السوري.



■ ما الذي يشغلك هذه الأيام؟

- على الصعيد العام، مشغولٌ دائماً بأحوال سورية والسوريّين، وبالنقاشات التي تخصّ تلك الأحوال، وآفاق تغييرها أو تغيُّرها. على الصعيد البحثي والمِهَني، مشغولٌ بتقديم مشروع كِتاب باللغة الإنكليزية (عن العلاقة بين العلمانية والإسلام) إلى دار نشرٍ أكاديمية، ومناقشة ذلك المشروع، قبل ذلك وبعده، مع أعضاء المركز البحثيّ الذي أعمل فيه، ومع مختصّين آخرين في الموضوع. كما أنّني أحضِّر لمشروع بحثيْ القادم، المتعلّق بدراسة المضامين المعرفية والأيديولوجية لـ"الاستغراب العربي الإسلامي" وتفاعله مع الغرب ومع الاستشراق الغربي عموماً. أمّا على الصعيد الشخصي، فمشغولٌ بالوصول إلى الاستقرار المِهَني في الجامعات ومراكز البحث الألمانية، وبترتيبات انتقالي إلى سكنٍ جديدٍ في مدينة كولن، مع ما يتطلّبه ذلك من وقتٍ وجهدٍ وإجراءات.


■ ما هو آخر عمل صدر لك وما هو عملك القادم؟

- صدر لي خلال الأشهر الثلاثة السابقة كتابان، أوّلهما يتناول العلاقة بين المعرفة والأيديولوجيا في الفكر السوري المعاصر خلال السنوات العشر الأخيرة، وثانيهما يتناول مسألة العلمانية وعلاقتها بالإسلام "السياسي"وإشكالية تجديد الخطاب الديني في الفكر العربي (و) الإسلامي المعاصر عمومًا. وسيصدر لي، قريبًا جدًّا، كتابٌ ثالثٌ عن فلسفة الاعتراف وسياسات الهوية، ويتضمن نقدًا للمقاربة الثقافوية والعنصرية للثقافة العربية والإسلامية.


■ هل أنت راضٍ عن إنتاجك ولماذا؟

- شعوري في هذا الخصوص يتراوح بين أنه، وفقًا للظروف، "لم يكن في الإمكان أحسن ممّا كان"، لكن، وفقًا للرغبات والطموحات، "كان وما زال هناك أفضل ممّا كان بكثير". بسبب الأوضاع السياسية التي رافقت وتلت ثورات الربيع العربي، فقد تحوّل اهتمامي البحثي من الهيرمينوطيقا أو فلسفة الفهم والتأويل والترجمة إلى الفلسفة السياسية والأخلاقية ودراسات الفكر العربي والإسلامي المعاصر. كما أنّني انخرطتُ في الكتابات والنقاشات المعرفية الأيديولوجية، في المجال العربي العام، وركّزتُ على الكتابة (للقرَّاء) باللغة العربية، على حساب الكتابة (للقرَّاء) باللغة الإنكليزية، في المجال الأكاديمي الضيّق. وفي السنوات الثلاث الأخيرة، أحاول إقامة التوازن بين هذه الأطراف المختلفة والتوفيق بين هذه المجالات والمواضيع والأهداف المتباينة؛ لكن من المرجّح أنّ الجهود في هذا الخصوص، لا يمكن أن تفضي إلّا إلى نجاحٍ جزئيٍّ ونسبيٍّ، وبالتالي إلى إخفاقٍ جزئيٍّ ونسبيٍّ أيضًا.


■ لو قُيّض لك البدء من جديد، أيّ مسار كنت ستختار؟

- لا أشعر بالندم على "القرارات الكبرى" التي اتّخذتها، والمتعلّقة بحياتي العائلية والمهنية وتوجّهاتي في المجال العام، ولا أظنّني سأتّخذ غيرها، لو قُيّض لي البدء من جديد. ما يمكن أن أختار تغييره، لو كان بإمكاني ذلك، هو الكثير من القرارات الصغيرة التي تخصّ علاقتي مع الآخرين (أودّ لو كنت أكثر استيعابًا وتفهّمًا وتقبّلًا لاختلاف الآخرين) ومع نفسي (أودّ لو كنت أكثر عناية بصحّتي النفسية والجسدية).


■ ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟

- أود أن تكون هناك عدالة (أكثر)، وأن يكون هناك مجال أكبر للسعي إلى تحقيق ذلك.


■ شخصية من الماضي تودّ لقاءها، ولماذا هي بالذات؟

- صديقي جمعة علي، الذي قتله "جيش" النظام بقصفه، أبي، مصطفى درويش، الذي توفّي بطلقة مسدّسٍ في ظروف غامضة؛ أمّي، أمينة قشّاش، التي توفّيت في المستشفى، ولم تسمح لي الظروف "الأمنية" بأن أكون إلى جانبها وأودّعها؛ أخي نجيب درويش الذي قتله أحد قنّاصة النظام أثناء عمله كإعلاميٍّ وناشطٍ سياسيٍّ.


■ صديق يخطر على بالك أو كتاب تعود إليه دائماً؟

- صديقي أحمد اليوسف يخطر على بالي كثيرًا، لأنّني أفكّر، كثيرًا، من خلال النقاش (المتخيَّل) معه. والقواميس والموسوعات هي الكتب التي أعود إليها باستمرار.


■ ماذا تقرأ الآن؟

- أقرأ نصوصًا عن الدولة (العلمانية أو الإسلامية) المستحيلة، والدولة المدنية، لأنّني أعمل على كتابة بحثٍ عن الموضوع.


■ ماذا تسمع الآن وهل تقترح علينا تجربة غنائية أو موسيقية يمكننا أن نشاركك سماعها؟

- للأسف، منذ مدّةٍ ليست بالقصيرة، لم أعد أتابع الأعمال الفنّية، الغنائية أو الموسيقية، واقتصرَت علاقتي مع الفن، غالبًا، على متابعة بعض الأفلام والمسلسلات (الأجنبية، باللغة الإنكليزية).



بطاقة

باحثٌ سوري حاصل على الدكتوراه في الفلسفة من جامعة "بوردو 3" في فرنسا، يعمل باحثاً أوَّل في مركز الدراسات المتقدّمة في الإنسانيات والعلوم الاجتماعية "علمانيات متعدّدة: ما وراء الغرب، ما وراء الحداثات" في "جامعة لايبزيغ"، ومحاضراً في قسم الدراسات الشرقية بـ"جامعة كولونيا" في ألمانيا.

صدر له العديد من الكتب والدراسات المحكّمة والترجمات، باللغات العربية والفرنسية والإنكليزية والألمانية. من مؤلّفاته بالعربية: "إشكالية المنهج في هيرمينوطيقا بول ريكور وعلاقتها بالعلوم الإنسانية والاجتماعية: نحو تأسيس هيرمينوطيقا للحوار" (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2016)، و"نصوصٌ نقديةٌ في الفكر السياسي العربي والثورة السورية واللجوء" (الدار العربية للعلوم ناشرون، 2017)، و"المعرفة والأيديولوجيا في الفكر السوري المعاصر" (مؤسّسة ميسلون للثقافة والترجمة والنشر، 2022)، و"في المفاهيم المعيارية الكثيفة: العلمانية، الإسلام (السياسي)، تجديد الخطاب الديني" (الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2022).

وقفات
التحديثات الحية
المساهمون