وفاء الطبوبي.. في أزلية صراع الرجل والمرأة وأوهامه

13 ابريل 2023
(من العرض)
+ الخط -

تكرّس المخرجة التونسية وفاء الطبوبي في آخر أعمالها المسرحية، الذي يحمل عنوان "آخر مرة"، مقولة أساسية حول الصراع بين الرجل والمرأة بأنه أزلي لكنه وهمي، وأن الاعتياد على وجود هذا الصراع كما تبرزه المشاهد المستمدّة من الحياة اليومية للتونسيين، وينسحب إلى حد كبير على بقية المجتمعات العربية، لا يعني القبول باستمراره.

العمل الذي نال حضوراً جيداً من خلال تكرار عرضه طوال العامين الماضيين، وكذلك استحساناً نقدياً، يتواصل على مدار ساعة وعشرين دقيقة، حيث يفترض النصّ الذي كتبته الطبوبي أن العنف في هذه العلاقة الملتبسة والمركبة يجرى توريثه بدلاً من إيقافه من خلال الحوار الذي لا يستند إلى أفضلية أو سلطة طرف على آخر.

تُعرض "آخر مرة" عند التاسعة والنصف من مساء غدٍ الجمعة على خشبة مسرح "التياترو" في تونس العاصمة، وهو من إنتاج "شركة الأسطورة"، ويعاد عرضه في الموعد ذاته مساء السبت أيضاً.

الصورة
من المعرض
من العرض

تطرح المخرجة إشكاليات متعدّدة تقف وراء أوضاع النساء في العالم العربي، سواء على صعيد التنشئة والتربية التي تنزع نحو التمييز غالباً بين الرجل والمرأة، وينتقل بعد ذلك إلى فضاءات أخرى في المجتمع، وأبرزها العمل حيث يقضي الاثنان أطول وقت فيه خلال اليوم.

يحضر في المسرحية كرسيّان وطاولة في إشارة إلى ثنائية الانفصال والاتصال بين الاثنين، عبر التقائهما واختلافهما حول الكرسي الذي يحيل إلى السلطة بمستوياتها المركّبة، ففي كلّ لوحة يعبّر البطلان عن حالة من حالات التضاد والالتقاء بينهما.

الصورة
(من العرض)
(من العرض)

يتواجه "هو" و"هي" في الفصل الأول في دائرة العمل المحكومة بنفوذ ذكوري مسبق، ينكر قدرات المرأة وإمكانية تقديمها إنتاجاً متساوياً لما يقدّمه هو، فالمدير الذي وصل إلى منصبه عبر منظومة المحسوبية والواسطة مفتقداً للكفاءة، يترأس سكرتيرة تفوقه في معرفتها وتحصيلها العلمي، لكن الشروط الاجتماعية تُجبرها على الخضوع لهذه المعادلة التي تفككها حوارات المسرحية.

يجسّد "هو" في الفصل الثاني دور الابن الذي يخضع لسطوة الأم في محاولة كبحها طيشه، واستسلامه للإدمان، وفشله في بناء شخصية مستقلة فاعلة، لكن الأم تصّر دوماً على أن يصبح ابنها نسخة مكررة عنها، مقابل سعي الابن للتحرّر من سلطتها، كما يبرزه الحوار بينهما.

يستعرض الفصل الثالث طبيعة العلاقة بين زوجين، حيث تركّز المشاهد على نقاط الضعف والقوة لدى كليهما، لكن الحبّ بينهما يتحوّل إلى حالة من الفراغ العاطفي ويقع في فخّ الرتابة اليومية، وتتواصل الحوارات بين الزوجين لتكشف قضايا كثيرة مسكوت عنها، وينتهي إلى أن تقدم الزوجة طبق طعام مسموم لزوجها عند العشاء؛ نهاية أراد الطبوبي أن تكسر بها المتوقع بأن تكون المرأة ضحية فقط، إنما قد تتحوّل الضحية إلى قاتلة أيضاً، ولو بالمعنى الرمزي.

يشارك في التمثيل كلّ من مريم بن حميدة وأسامة كشكار، وأُسند الإعداد الموسيقي إلى صلاح الشرقي، والإضاءة إلى يزيد بلهادي، والديكور إلى أيمن وسلاتي، والأزياء إلى شفاء الأمير، والكوريغرافيا إلى مريم بن حميدة ووفاء الطبوبي.
 

المساهمون