في عام 2021، أسَّست مجموعةٌ من الأساتذة والطلبة الجامعيّين المقدسيّين المهتمّين بالموسيقى العربية فرقةً موسيقيّةً باسم "نغم الأمس"، وانطلقت في إعادة تقديم الموروث الموسيقي العربي، بشقَّيه الغنائي والآلاتي، لكبار الملحّنين والموسيقيّين؛ أمثال سيّد درويش، ومحمّد القصبجي، وزكريا أحمد، ورياض السنباطي، ومحمّد عبد الوهاب.
صحيحٌ أنّ ثمّة الكثير من الفرق الموسيقية التي تُعيد تقديم هذا الموروث الموسيقي في أكثر من بلد عربي. بيد أنّ عضو الفرقة، موسى عبّاسي، يلفت إلى أنَّ "نغم الأمس" تتميّز بتقديمها الألحان العربية بشكلها التقليدي؛ حيث تحافظ على التوزيع الموسيقي الأصلي، ولا تُدخل أيّة تغييرات عليها، مُضيفاً، في حديث إلى "العربي الجديد"، أنّ الفرقة تنطلق في ذلك "مِن رؤيتها لمدى أهمّية إحياء هذا الموروث بصورته الأصلية والاحتفاء به".
في مطلع العام الجاري، قدّمت الفرقةُ حفلاً موسيقيّاً في "مركز يبوس الثقافي" بالقدس، أعادت فيه تقديم قصيدة "أشواق" (1969) التي كتب كلماتها مصطفى عبد الرحمن، ولحّنها رياض السنباطي ضمن أسلوبٍ روحاني تجاوز فيه المألوفَ في تلحين القصيدة العربية. ثمّ أعادت الفرقةُ تقديمها في حفلٍ بـ"معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى" في رام الله في رمضان الماضي.
تعود الفرقة للقاء الجمهور في حفلٍ موسيقيّ تُقدّمه، عند الخامسة من مساء اليوم الخميس، في "المركز الثقافي التركي يونس أمره" بمدينة القدس، تحت عنوان "روح يونس أمره".
سألنا موسى عبّاسي، وهو عازف الناي في الفرقة، عن سبب اختيار اسم الشاعر والمتصوّف التركي - الذي عاش بين القرنَين الثالث عشر والرابع عشر للميلاد، وترك أثراً كبيراً في الأدب التركي - عنواناً للحفل، فأجاب بأنّ الحفل سيتضمّن مقطوعات من الموسيقى الكلاسيكية العثمانية، والموسيقى الكلاسيكية العربية، مُضيفاً: "سنلمس، خلال الحفل، مدى التقارُب بين الثقافتَين؛ وهو تقاربٌ ينعكس، في جانبٍ منه، في الموسيقى".
مِن المقطوعات العثمانية التي تعزفها الفرقة في الحفل: "سماعي ماهور"، و"سيغا سماعي"، و"نكريز إلهي". ومن المقطوعات العربية: "شمس الأصيل" التي غنّتها أُم كلثوم، و"زفّة العروس" لمحمّد عبد الوهاب، و"طلع البدر علينا" للسنباطي.
يُشير عبّاسي، في حديثه إلى "العربي الجديد"، إلى أنَّ الموسيقى العثمانية عريقةٌ وظلّت مُحافِظةً على صيغها التقليدية على مدار مئات السنوات؛ حيث "استطاع الأتراك الحفاظ على هذا التراث، بفضل تدوينه؛ وهذا ما يُمكّن من العودةِ إلى مقطوعات يتجاوز عمرُها ثلاثمئة عام لنجدها مكتوبةً من دون تحريف أو زيادة أو نقصان"، مشيراً إلى أنه "يختلف الأمرُ بالنسبة إلى الموسيقى العربية التي تعرّض كثيرٌ من تراثها إلى التغيير أو الضياع بسبب غياب التدوين، ويُستثنى من ذلك ما جرى توارثُه من جيل إلى جيل، أو ما جاء بعد ظهور التسجيلات الموسيقية في حوالي عام 1907".
يُذكَر أنّ "فرقة نغم الأمس" تشكّلت استناداً إلى التخت الشرقي القديم، وتتكوّن من: يوسف أبو سنينة (غناء)، ولؤي عبّاسي ومحمد حنون ومحمد قراعين (عود)، ورها أرمُمْجو (قانون)، وأنطونيو شقور (كمان)، وخالد سواعد (تشيلو)، وموسى عبّاسي (ناي)، وعيسى مشعل ومحمد سلايمة وإلياس عربيد (إيقاع).