بعد انقطاع دام لثلاث سنوات بسبب تفشي فيروس كوفيد-19، تنطلق عند السابعة من مساء بعد غدٍ الأربعاء، في "قصر الثقافة/ عبد الكريم دالي" بمدينة تلمسان الجزائرية، فعاليات النسخة الثانية عشرة من "المهرجان الوطني لموسيقى الحوزي"، والتي تتواصل حتى الخامس والعشرين من الشهر الجاري.
التظاهرة التي تختصّ بشكل غنائي ينتمي إلى الموسيقى الأندلسية، لا تقتصر على حفلات تؤدّيها فرق وفناّنون محترفون، بل تهتمّ أيضاً بالبُعد التعليمي والتثقيفي بفن الحوزي، الذي تعود بداياته إلى القرن الخامس عشر، إبّان حكم الدولة الزيانية، حيث تقدّم دروساً وورش عمل أو دورات تكوينية لفائدة الطلبة المتخصّصين في الموسيقى.
تشارك في المهرجان ثلاث عشرة جمعية موسيقية، منها سبع من ولاية تلمسان، وعددٌ من الفنانين، ومن بينهم الفنّانان حاج قاسم إبراهيم ومريم بن علال، وفق بيان المنظّمين الذي لفت إلى تكريم الفنان الشيخ العربي بن صاري (1870 - 1964)، الذي أسّس فرقة غنائية عام 1900 قدّمت حفلات عائلية ودينية داخل الجزائر، وكذلك في تونس والمغرب وفرنسا، بالإضافة إلى مشاركته في "المؤتمر الأوّل للموسيقى العربية" الذي أُقيم بالقاهرة عام 1932، بمداخلة حول الموسيقى الأندلسية.
وتُكَرَّم أيضاً الشيخة طيطمة (1891 - 1962)، التي عُرفت بأدائها لموسيقى الحوفي والحوزي وكانت عازفة ماهرة للعود والكويترة والكمان قبل أن تحتكّ بأسماء بارزة في عالم موسيقى الحوزي من أمثال الشيخ العربي بن صاري، والشاعر مولاي دريس مدغري، والشيخ محمد ديب، وانضمّت عام 1925 إلى "أوركسترا عمر بخشي"، وأقامت حفلات في العديد من المدن الجزائرية.
ويُقام أيضاً، على هامش التظاهرة، معرضٌ مخصّص لتاريخ الموسيقى الأندلسية بمدارسها الثلاث (في الجزائر العاصمة، وقسنطينة، وتلمسان)؛ حيث يجري فيه عرض الآلات الموسيقية الأندلسية القديمة، إضافةً إلى الزيّ التقليدي الذي تعتمده الأجواق الأندلسية.
إلى جانب ذلك، يُنظَّم لقاءٌ علمي بمشاركة باحثين من "المركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ وعلم الإنسان والتاريخ" يتناول موسيقى الحوزي التي تقترب من "المالوف"، مع اختلاف بينهما، من حيث اعتماده على مقطوعات شعرية منظومة بالعامّية، وقصر المسافات الصوتية لمغنّيه، وقلّة اللجوء إلى النغمات المتعدّدة.