منصور الهبر: لوحاتٌ لا تكتمل إلا بالمحو

23 فبراير 2023
من المعرض
+ الخط -

بعكس النحت، الذي يمكن اعتبارُه فنَّ نزْع وإزالة، أي إزالة أجزاء من الكتلة الخام لمنحها شكلاً معيّناً، يمكن القول إن التشكيل هو فنّ الإضافة: وضْع ألوان وخطوط لم تكن موجودةً، بالأساس، على سطح اللوحة الفارغ.

في معرضه الجديد، "الجمال السلبيّ"، الذي افتُتح اليوم في غاليري "آرت أون 56" ببيروت ويستمرّ حتى الثامن عشر من آذار/ مارس المقبل، يجمع الفنّان اللبناني منصور الهبر بين التصوّرين: بين اللوحة بوصفها إضافةً، في مرحلة أولى، ومحواً، في مرحلة ثانية.

ذلك أن اللوحات التي يقدّمها الفنان، العامرة بالكُتَل والبقَع اللونية، هي في الآن نفسه نتيجة لعملية الإزالة التي يُعيد من خلالها صياغةَ اللون وطبقاته على سطح اللوحة، حيث يخفّف من حدّة الألوان ومن اكتمال بعض الأشكال التي رسمتْها ريشته في المرحلة الأولى. وكأن الجمال الذي تقترحه علينا اللوحة لا يكتمل، بمعنى ما، إلّا بنفيه وسلبه.

الصورة
من المعرض
من المعرض

غير أن اللوحات تدعونا، أيضاً، إلى فهم عنوان المعرض وفق قراءات أُخرى: فالسلبيّ قد يحمل هنا معناه الأكثر شيوعاً اليوم، أي باعتباره ذاك الذي لا يُعَدّ مرغوباً، ذاك الذي نعدّه "أقلّ جمالاً" لأنّه لا يجيب على توقّعاتنا المعيارية حول الجميل في اللوحات التشكيلية.

غير أنها قراءة قد لا تذهب بنا بعيداً، خصوصاً حينما نعرف، كمشاهدين، أننا ذاهبون لرؤية أعمال تُراوح بين التجريد والتعبير، ولا تبني عوالمها على تصوُّر تقليديّ للوحة بوصفها صورةً صادقة عن الواقع، عن تضاريسه الطبيعية وشخوصه وأشيائه.

قلّةٌ قليلة فقط من اللوحات المعروضة تخرج من هذا التصوّر التجريدي التعبيري، مقترحةً أشكالاً، مثل هذه الأجساد النسائية التي نراها أسفل إحدى اللوحات، وكأنّها آخر الباقين من تلك المرحلة التي كان الفنان اللبناني يميل فيها إلى التشخيصية.

المساهمون