في عام 2014، أطلقت وزارة الشؤون الثقافية التونسية مشروع حفريات في موقع "معبد التوفاة"، أقدم المعابد التي تأسسّت خلال العهد البوني، بضاحية قرطاج في تونس العاصمة، يقوده فريق أبحاث بتبع "المعهد الوطني للتراث"، لإلقاء الضوء على واحدة من أهمّ الحضارات التي حكمت معظم سواحل البحر المتوسط لسبعة قرون.
بعد العثور على العديد من القبور والأوابد في الموقع، أعلن منذ أيام عن اكتشاف خمس قطع نقدية ذهبية بقطر طوله 2.4 سم، تعود إلى القرن الثالث قبل الميلاد؛ زمن ازدهار الحضارة القرطاجية في مرحلتها الثالثة التي شهدت تقويض الحكم الفردي وتأسيس هيئات سياسية منتخبة، وكذلك قيام الحرب الأولى بين روما وقرطاج.
وعُثر على النقود، بحسب إعلان المعهد في "معبد التوفاة"، الذي يعدّ مدفناً للأطفال الصغار القرطاجيين حيث كانوا يقدّمون قرابين للإله بعل حمون (إله المطر والنبات) والإلهة تانيت (إلهة الخصب والنماء والحياة)، في طقوس لم تحدّد إلى اليوم جذورها العقائدية، بالنظر إلى وجود آراء تفنّد هذه الروايات بالإشارة إلى أن القرابين كانت لأطفال متوفين نتيجة الأمراض والأوبئة، من خلال مراجعة معدلات الوفيات في تلك الحقبة.
العثور على خمس قطع نقدية ذهبية تعود إلى القرن الثالث قبل الميلاد
وأوضح فريق الحفريات أنَّ النقود الذهبية المكتشفة تحمل صورة الإلهة "تانيت"، ويحمل الاكتشاف أهميته نظراً إلى ندرة هذه القطع التي تعكس القوة الاقتصادية للإمبراطورية القرطاجية والازدهار الذي عرفته في تلك الحقب تحديداً.
ويرجح الباحثون أنَّ هذه القطع النقدية الذهبية النادرة قد قدّمت قربانا للإلهين "بعل حمون" و"تانيت" على يد أشخاص أثرياء، ضمن الطقوس والتقاليد المتبعة آنذاك في حضور الإلهة "تانيت"، حامية مدينة قرطاج، والتي كان يقدّم لها أشكال مختلفة من القرابين.
وقد تمكّن فريق الأبحاث التاريخية والأثرية في "معهد التراث الوطني"، المكوّن من باحثين متخصصين، خلال مهامهم الحفرية من العثور على عدد من النُصب النذريّة والجرار التي احتوت على عظام الحيوانات والرضع والخُدّج التي كانت تقدم كقرابين للآلهة إلى جانب شواهد القبور، في سنوات سابقة.
يذكر أن معبد "توفاة" قرطاج يعدّ من أبرز المعالم البونيقية (القرطاجية) في الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط باعتباره فضاء مقدسا مخصصا للإلهين تانيت وبعل حمون.