إن كان يُمكن الحديث عن مكتبة سينمائية عربية، فإنّ كتاب "محمد خان: سيرة سينمائية" (الصادر حديثاً عن "دار ريشة" في القاهرة، بتوقيع الكاتب محمود عبد الشكور)، يندرج ضمن هذا التصنيف.
يتناول عبد الشكور (1965) في كتابه العالمَ الخاص الذي بناه وولّفه المخرج المصري محمد خان (1942 - 2016)، والذي يُعدُّ من أبرز روّاد الواقعية الجديدة في السينما المصرية، خلال النصف الثاني من القرن العشرين ومطالع الألفية.
شكّل خان حالة فريدة خلال عقدَي السبعينيات والثمانينيات، بكاميرته التي باتت تطوف الأحياء الشعبية، وخطّت مساراً جديداً في الصناعة السينمائية. لم تعد الموضوعات تتلخّص ببطولات رومانسية، وتحتضنها البيوت الفخمة والسيناريوهات المُباشرة، بل بات الطرح أكثر إشكالية؛ لا بُطولات مجانية إنّما مُركّبة.
عند هذا الحد يُفصّل الكتاب أعمالاً مختلفة وقّعها خان في هذه الفترة مثل: "ضربة شمس" (1978)، و"الرغبة" (1979)، و"الثأر" (1980). أفلام كانت بمثابة عتبة أولى صوبَ الواقع الفعلي، وبمثابة اشتباك معه لا من حيث النصوص وحسب، بل الأدوات والكوادر أيضاً.
لتأتي النقلة النوعية التي قدّمها خان من خلال "الحرّيف" (1983)، حيثُ البطل فارس (أدى الدور عادل إمام) عامل في مصنع للأحذية ومحترف كرة قدم في الأحياء الشعبية، يعيش أزمة مُركّبة تجتمع فيها العوامل الاجتماعية والنفسية. وينبّه كتاب عبد الشكور إلى أنّ هذه النماذج قد استلّها خان من الطبقات المسحوقة، واضعاً المجتمع أمام ذاته.
ومن الزوايا التي يلتفت إليها الكتاب، أيضاً، البطولة النسوية في أفلام خان، وأي امرأة كانت ترصد عدستُه؟ هنا يمكنُ الحديث عن مسار واحد تتقاطع في صلبه رؤى وهموم عدّة؛ انطلاقاً من شخصية منى في "زوجة رجل مُهمّ" (1988) وصولاً إلى هيام في "فتاة المصنع" (2014)، العمل الذي عاد من خلاله خان إلى زمن البدايات الواقعية. رغم أنّ الحال اختلفت، والنيوليبرالية والاستهلاك أصبحتا قائمتين في المجتمع بأبشع الصور.
الجدير بالذكر أنّه سبق لمحمود عبد الشكور تقديم كتابات في النقد السينمائي، منها: "يوسف شريف رزق الله: عاشق الأطياف" (2014)، و"سينما محمد خان: البحث عن فارس" (2016)، و"سينمانيا: مقالات عن أفلام عربية وعالمية" (2016)، و"داوود عبد السيد: سيرة نقدية" (2021)، وغيرها.