محمد مرقطن.. الشرق القديم على ضوء المادّية التاريخية
من اللافت أن يُذكَر اسم كارل ماركس في سياق البحوث والدراسات الأركيولوجية؛ فكيف يحضر الفيلسوف الألماني (1818 - 1882) في هذا الحقل العلمي والأكاديمي؛ وهو الذي شغلت أفكارُه ونظرياتُه الاقتصادية الحياة السياسية وكانت محوراً للصراعات الأيديولوجية على مدار القرنَين التاسع عشر والعشرين؟
هذا ما يتناوله الباحثُ والمؤرّخ الفلسطيني محمد مرقطن، في المحاضَرة التي يقدّمها عند التاسعة من مساء بعد غد الأربعاء تحت عنوان "ماذا تبقّى من كارل ماركس؟ الشرق الأدنى القديم في الدراسات التاريخية الماركسية، ما لها وما عليها"، تُبثّ عبر "زووم"، بالإضافة إلى صفحات مبادرة "حوار التنوير" العراقية على وسائل التواصل الاجتماعي، ويُديرها الباحث محمود هواري، من قسم الآثار في "جامعة بيت لحم".
تهدف الندوة إلى عرض ومناقشة نظرية المادّية التاريخية، والتي كانت تشكّل مدرسة موازية للمدرسة الغربية الاستشراقية في عقود ما بعد الحرب العالمية الثانية حتى نهاية ثمانينيات القرن الماضي. لكن، وابتداءً من التسعينيات، ونظراً لتضافُر جملة من العوامل السياسية؛ أبرزُها سقوط المنظومة الاشتراكية، شهدت هذه النظرية تراجعاً ضمن الأُطر الأكاديمية، وفقدت وهجها، وقد رافق ذلك إعادةُ تقييم للدراسات التاريخية حول الشرق الأدنى القديم بمجملها، من قِبل العلماء.
شكّلت نظريةُ المادّية التاريخية مدرسة موازية للاستشراق الغربي
تسعى المحاضَرة، أيضاً، إلى تقديم لمحة عامّة عن نشأة وأهمّية الدراسات الماركسية، ومناقَشة ما زال صالحاً من أفكارها؛ مثل المنهج الاجتماعي، ودراسة التاريخ من الأسفل، والتاريخ الماركسي ودراسات التحرّر من الاستعمار. كما تناقش، على الجانب الآخر، الأفكار الماركسية التي فقدت أهمّيتها، والتي لا يَعترف بها علماءُ الشرق القديم اليوم؛ مثل الاستبداد الشرقي وعلاقته بنمط الإنتاج الآسيوي، أو المجتمع العبودي، ومسألة الأمومة كمرحلة في التاريخ البشري.
ويتطرّق مرقطن إلى تلك الموضوعات ضمن أربعة محاور أساسية؛ هي: "كارل ماركس ومختصر تاريخ الكتابات التاريخية الماركسية، وأثرها في التفسير التاريخي للشرق القديم"، و"الدراسات الماركسية حول الشرق الأدنى القديم منذ عقد السبعينيات من القرن الماضي: مسحٌ عام مع المقارنة بالمدرسة الغربية الاستشراقية"، و"المراجعات النقدية المعاصِرة لمفاهيم الماركسية الكلاسيكية"، و"أفكار ماركسية ما زالت مهمّة في دراسة التاريخ".
يُذكَر أنّ محمّد مرقطن باحثٌ وآثاري ومؤرّخ فلسطيني متخصّص في لغات وحضارات الشرق القديم، وهو لغوي في "معجم الدوحة التاريخي للغة العربية" بالدوحة. عمل في التدريس والبحث في عدّة جامعات ألمانية، وشارك في أعمال الحفريات والمسوحات الأثرية في عدّة بلدان عربية. نشر أكثر من سبعين بحثاً أكاديمياً، بالإنكليزية والألمانية، عن حضارات ولغات الشرق القديم، وخاصّةً عن جنوب الجزيرة العربية.
تابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News
