تقدّم الكاتبة المغربية سلمى بوصوف في روايتها "امرأة على أجنحة الرغبة" (2018) تجربتين مختلفتين؛ الأولى لامرأة تزوجت زواجاً تقليدياً تواجه خلاله التعنيف اللفظي والنفسي والجسدي، لينتهي الأمر بطلاقها، حيث تجد نفسها وسط مجتمع تحتاج فيه إلى مزيد من النضال لاستعادة حقوقها ووقف الانتهاكات المتكرّرة بحقّها.
أما التجربة الثانية، فتتناول امرأة أخرى كتبت مذكراتها التي سيُعثَر عليها بعد انتحارها، لتكشف وقائع حياتها التي تبدأ بطفولة وادعة ومَشاهد تعلُّق بالوالد الذي رحل وهي في سن مبكرة، ثمّ تعرّضها إلى اغتصاب لم تتمكن من الحديث عن واقعته إلّا بعد مرور الزمن، وسط تعاظم مشاعر الإحباط والانكسار لديها.
يقتبس المخرج المسرحي المغربي محمد فركاني عرضه الجديد الذي يحمل عنوان "راضية" من رواية بوصوف، حيث يُعرَض عند السابعة من مساء السبت المقبل على خشبة "مسرح ابن مسيك" في مدينة الدار البيضاء، من إنتاج فرقة "فركانيزم".
تضاف المسرحية إلى سلسلة من النصوص المسرحية المعاصرة والراهنة التي تدور حول المرأة وأوضاعها وتشتغل عليها الفرقة تحت عنوان "نساء لهنّ ماضٍ"، حيث قدّمت عمل "الغالية" سنة 2017 حول امرأة تعيش في الأرياف تحت سلطة أب متشدد، فتهرب منه إلى المدينة لتواجه كوارث عديدة تتمّكن من النجاة منها أخيراً، ثم مسرحية "فاضلة" عام 2018، التي تتحدّث عن امرأة تواجه اضطهاداً مجتمعياً دائماً.
تطرح "راضية" صورة مصغّرة لمجتمع أبوي من خلال شخصيتين تعيشان الكوابيس والخوف والعنف ويوحّدهما البحث عن منفذ يسمح بالحرّية والإدانة، لكنّ مريم، التي تواصل طريقها، تتمكّن في النهاية من تأسيس جمعية للنساء اللواتي يقعن ضحايا للعنف، كتعبيرٍ عن قدرتها على تحقيق ذاتها بعد فصول من التهميش، بينما تذهب هيام إلى الانتحار بملء إرادتها، لأنها تمقت عالماً لم يهبها سوى القلق والألم والذكريات المريضة.
يشارك في التمثيل كلّ من هند ضافر وصرح الحمليلي والرياحي بادي وياسين حرمود، وأعد الموسيقى زكرياء محسون، وصمّمت الإضاءة إناس تكنكوت، والملابس نادية همام، ونفّذ الديكور زكرياء فركاني، فيما أعد النص والدراماتورجيا والإخراج محمد فركاني.