محمد فركاني.. الجائحة من منظور مسرح العبث

07 نوفمبر 2022
(من العرض)
+ الخط -

عندما كتب صموئيل بيكيت مسرحيته "نهاية اللعبة" عام 1957، أعاد طرح الأسئلة الحرجة حول الأزمة في بنية الأسْرة التي يجترّ أفرادها حوارات لا تفضي إلى معنى أو هدف، وكأنهم موتى يفتقدون معنى الحياة، في سياق لا يمكن فصله عن الحرب العالمية الثانية التي خلّفت آثاراً لا تمحى وحرباً باردة استنزفت العالم لعقود.

الحوارات المقتضبة بين أبطال العمل ودلالاتها المتعدّدة ظلّت تُستدعى على الخشبة وفق رؤى إخراجية متنوّعة، حيث تشكّل فكرة محدودية الخيارات في عالمنا اليوم إغواء لفهم راهن البشرية ومستقبلها، فوجودها قدر لا مفرّ منه فلا وجود لأي فرص لأشكال أخرى من الحياة سوى هذا العبث.

مع تفشّي فيروس "كوفيد – 19" منذ ثلاثة أعوام، اجتذبت نصوص الكاتب الأيرلندي (1906 - 1989) العديد من صنّاع المسرح للتعبير عن مناخاته وتأثيراته على العالم كله، ومنهم المخرج المغربي محمد فركاني الذي تُعرض مسرحيته "الجايحة 19" عند السابعة من مساء غدٍ الثلاثاء في "المركز الثقافي" بمدينة القنيطرة (55 كلم شمال الرباط).

العرض من إنتاج فرقة "فركانيزم للفنون والثقافة والتنمية"، في اقتباس عن نص "نهاية اللعبة"، حيث تدور أحداث المسرحية داخل غرفة مغلقة الجوانب مرتفعة الجدران وقاتمة ولا تتوفر على أي مؤشر عن الحياة، وراكدة لا تتسم بالحركة والتغيّر.

ويستحضر فركاني الواقع الذي فرضته الجائحة على سكان المعمورة لاسيما خلال فترة الحجر الصحي، من خلال عائلة ممتدة تتكون من الأب والابن والجد والجدة، تجد بذلك نفسها "فجأة داخل فضاء زمكاني غير محدد اكتسحته جائحة ما وأتت على الأخضر واليابس فيه، فلم تبق شيئا غيرهم في ذلك الفضاء المغلق، ليظل سبيلهم الوحيد للعيش هو التمسك ببعضهم البعض.

وتتطور أحداث المسرحية كاشفة عن محاولات يائسة للشخصيات لقتل الملل لدرجة الاعتياد على كل الأفعال والسلوكات اليومية داخل عجلة لا تتوقف عن الحركة والدوران، قبل أن يصبح الملل روتيناً ودائماً في ظلّ غياب هدف أو خريطة طريق.

يشارك في التمثيل كلّ من الرياحي بادي وياسين حرمود وهند ضافر وأنس ينزعبون، بينما أُسندت السينوغرافيا إلى حنفي فركاني، والإضاءة إلى أناس تكنكوت، والملابس إلى نادية همام، وإدارة العرض إلى زكرياء حمادي، وإدارة الإنتاج إلى منال فركاني.
 

المساهمون