- يُظهر الحواجري من خلال أعماله ومنشوراته على "فيسبوك" الواقع المرير في غزة، متضمنة وصفه للحياة تحت القصف والعدوان، ومحاولاته للحفاظ على الأعمال الفنية رغم الدمار.
- يُسلط الضوء على الجهود الفنية للحواجري وزوجته دينا مطر في إنقاذ أعمالهما الفنية من تحت الأنقاض، معبرًا عن الخسارة الكبيرة لتجاربهما الفنية السابقة بسبب الصراع والحصار على غزة.
في الحادي والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، نشَر الفنان التشكيلي الغزّي محمد الحواجري (1976)، على صفحته في "فيسبوك"، لوحة من مشروعه "غرنيكا غزّة"، الذي نفّذه بين عامَي 2010 و2013، وتظهر فيها الحاجّة محفوظة من قرية سالم بالقرب من نابلس، التي اشتهرت صورتها بعد بثّها على وسائل الإعلام، وهي تحتضن شجرة الزيتون كما لو كانت أحد أبنائها، بعد أن اقتلعها المستوطنون الصهاينة عام 2005.
استعاد الحواجري لوحته التي تجتمع فيها مشاهد من واقع الشعب الفلسطيني الصامد في وجه الإبادة والتهجير القسري، وأُخرى فانتازية تعبّر عن الخراب الذي ينشره العدو في حروبه المتكرّرة على القطاع، حيث يكتب قبلها بأيّام "في غزّة، الحقيقة أكبر وأكبر بكثير مما تقدّمه وسائل الإعلام أو التواصل الاجتماعي. هناك عشرات من المجازر وأطنان من المتفجرات تنزل على غزّة. لا يوجد مكان آمن هنا. كل غزّة تُدمّر وتُباد".
كلمات تضمّنتها رسالةٌ كتبها الفنان إلى جوار صور التقطها خلال أيام العدوان، ونعي لأبناء العمّ الذين يستشهدون، ويومياته التي يسجلها متفرقة هنا وهناك، ومنها وصفه لمائدة إفطار تناولها مع أطفاله تتكوّن من رغيف خبز متعفّن وزيتون أسود وزيت زيتون متعفّنين وخيارة صفراء متعفّنة، وعبارات عديدة يقول في إحداها "غزّة واحدة موحّدة مع وحدها لوحدها".
يُوثّق محاولاته مع زوجته الفنانة دينا مطر لانتشال بعض أعمالهما
الحواجري المولود في مخيم البريج، جنوب غزّة، التحق ببرامج تدريبية لتعلّم الفن منذ عام 1994، حيث قدّم عشرات الأعمال التي اتسمت بتنوّع الوسائط من رسم وفيديو تصوير وجداريات وتصميم، بالإضافة إلى التركيبات الإنشائيّة، ومنها عمله "ابق في البيت"، الذي عرضه عام 2021، حين أجبرت جائحة "كوفيد-19" الناس على لزوم المنازل بينما أجبر الفلسطينيون على ترك منازلهم عام 1948، ليستعيده مرّة أخرى في الثالث والعشرين من كانون الثاني/ يناير الماضي، بعد نزوحه إلى رفح، مع شرح بسيط "لم أكن أدري أنني على موعدٍ مع العيش مع أطفالي وزوجتي في الخيام".
ونشَر بعدها صوراً تبرز حساسية عالية في التقاط كوادر جميلة؛ واحدة منها تتناثر فيها قطع ملونة في فضاء أزرق، وعند التدقيق فيها تُلاحظ البسط على أرضية الخيمة وملابس معلّقة على جدارها وحقيبة سوداء لحمل ما تيسّر في رحلة خروج من المنزل فرضها جيش الاحتلال على أكثر من مليون وتسعمائة ألف غزّي (من أصل مليونين ومئتي ألف)، وصورة ثانية لأوانٍ وأطباق وأكواب تزيّن حائطاً أجرد يسمّيه الحواجري "المطبخ الجديد".
خلال الشهر الماضي، بدأ الفنان بنشر صور من مخيمات اللجوء على الحدود الفلسطينية المصرية، مع عبارات مثل "خيام والناس نيام!"، و"الآن نحن هنا. ماذا بعد؟".
في فيديو أخير، يوثّق الحواجري محاولاته مع زوجته الفنانة دينا مطر لانتشال بعض أعمالهما في مرسمهما من تحت الركام رغم الخطر، منشورة في العشرين من شباط/ فبراير الماضي، مضيفاً تعليقاً من ثماني كلمات: "للأسف فقدنا الكثير من تجاربنا الفنية السابقة المهمّة".