مجلّة "أتر".. أوراق أسبوعية تقرأ أحوال بلاد النيلين

04 سبتمبر 2024
تعتمد أكثر من عشرين مُراسلاً داخل السودان وخارجه
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **إطلاق مجلة أتر الإلكترونية السودانية**: أُصدر العدد الأول في 12 أكتوبر بعد برنامج زمالة نظمه "مركز فاكتس للصحافة"، وتصدر أسبوعياً كل خميس، متناولة شؤوناً سودانية في ظل الحرب بين الجيش و"قوات الدعم السريع".

- **تغطية شاملة للقطاعات المهمشة**: تركز المجلة على الحياة اليومية للسودانيين، مع التركيز على القطاعات الصحية والتعليمية والثقافية، وتواجه تحديات في التواصل بسبب ضعف الاتصالات والتهديدات الأمنية.

- **الاستقلالية والتحديات الثقافية**: غالبية المحررين من خلفية الصحافة الثقافية، وتتناول المجلة موضوعات مثل واقع النساء السودانيات في ظل الحرب، وتُراهن على الاستقلالية في ظل الاستقطاب السياسي الكبير.

في الثاني عشر من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي صدر العدد الأول من مجلّة أتر الإلكترونية السودانية، بعد برنامج زمالة نظّمها "مركز فاكتس للصحافة" ضمّت قرابة العشرين صحافياً واستمرّت لمدّة عامَين. شكّل عددٌ من ذلك الفريق نواةً لتحرير مجلّة تصدر أسبوعياً، كلّ خميس، وتتناول شؤوناً سودانية مختلفة في ظلّ الحرب الدائرة في البلاد منذ أكثر من خمسمئة يوم، بين قوّات الجيش السوداني و"قوّات الدعم السريع".

وبعد عام تقريباً على انطلاق المشروع صار في رصيد المجلّة أربع وأربعون عدداً، حيث صدر العدد الأخير، الخميس الماضي، بعنوان "خرائط النجاة: جغرافيا الغرق". تواصلت "العربي الجديد" هاتفيّاً مع الشاعر والمُحرّر في المجلّة حاتم الكناني، المُقيم في العاصمة الكينية نيروبي، والذي أوضح، بدايةً، "معنى كلمة 'أتر' المأخوذة من الدراجة السودانية والتي تتقارب مع الكلمة الفصيحة 'أثَر'، لكن بقَلْب الثاء تاءً، وفي عبارة شائعة نقول 'قصّاص الأتر'، وهو المتخصّص بتتبّع آثار الضائعين في الصحراء، ولهذا دلالاتُه في الحقل الصحافي الذي له دور كبير في تقصّي الأخبار الموثوقة خلال الحرب التي اشتعلت في 14 نيسان/ إبريل 2023".

تشمل مقاربات لقطاعات الصحّة والتعليم والثقافة المهمّشة

ويتابع الكناني حديثَه لـ"العربي الجديد" عن المشروع  عامّة، والعدد الأخير: "انطلقنا من هَمّ تقديم معلومة تتعلّق مُباشرة بالحياة اليومية للناس في الداخل السوداني وبدُول الشتات والمنافي، حيث نعمل على السودان من كلّ مكان، ويأتي تركيزنا على القطاعات الموجودة في الخارج كونها باتت تشكّل أغلبية الشعب، ومصدر الدخل الوحيد لمَن هُم في الداخل. في حين تشمل مقارباتنا الوضع الصحّي والتعليمي والثقافي، وهذه قطاعات كانت هامشية في برامج الحكومات حتى بعد ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018".

حاتم الكناني - القسم الثقافي
حاتم الكناني

ويُضيف: "تعتمد المجلّة على أكثر من عشرين مُراسلاً في الداخل والخارج، والمعاناة في تحقيق هذا التواصل بين الطرفين كبيرة جدّاً بسبب ضعف الاتصالات والتهديدات الأمنيّة التي يتنازعها طرفا الصراع، وهذه تحدّيات قائمة بشكل دائم أثناء عملنا وليست هامشية ولا تفاصيل عارضة".

ورغم أنّ الحرب فرضت جوّاً حيَّد الهوامش الثقافية التي يُمكن أن يُضاء عليها، إلّا أنّ المجلّة استطاعت أن تُناقِش في أكثر من عدد قضايا في المسرح والفنون وعروض الكُتب، كما في عدد الرابع من تموز/ يوليو الماضي، حيث أعدّ كلّ من محمد حسين وأحمد جادين وهيبات الفاتح ملفّاً بعنوان "صناعة مسرح في زمن مستحيل"، تناولوا فيه ورشة "الصنايعي المسرحي التأسيسية" التي نظّمها عمر بابكر في مدينة الدمازين بولاية النيل الأزرق، جنوبي البلاد، والعرض المسرحي "بنات في ورطة" الذي عُرض على خشبة مسرح كسلا، شمالي البلاد.

كذلك كتب حاتم الكناني مقالاً مطوّلاً بعنوان "الثقافة: المسؤولية والمقاومة الإبداعية" (العدد 26، 18 نيسان/ إبريل 2024)، تناول فيه مشاهد ممَّا خلّفته الحرب بقطاع الثقافة، مثل مقتل المسرحية الرائدة آسيا عبد الماجد، زوجة الشاعر الراحل محمد الفيتوري، في الأسابيع الأولى من الحرب، ومقتل المغنّية والباحثة في التراث الشعبي شادن محمد حسين، ورحيل عدد من الموسيقيّين والفنّانين في ظروف صعبة وقاهرة، قتلتهم الحرب بشكل غير مباشر، مثل الموسيقار محمد الأمين، والفنّان خالد سنهوري، وعبد الله يوسف (شاعر الاستقلال)، والحقوقي كمال الجزولي، والكاتب مهدي آدم يوسف. كما يُشير المقال إلى مهرجانات أفلام وعروض مسرحية ولقاءات ثقافية أُقيمت بين الداخل والخارج في نيروبي الكينية، وكوستي وبورتسودان والقضارف السودانية.

من السودان - القسم الثقافي
سودانيات يحضرن عرضاً قدّمته "ورشة مسرح البنات" في ولاية النيل الأزرق

ولفَت الكناني في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "غالبية مُحرّري 'أتر' قادمون من خلفيّة الصحافة الثقافية، وهم شعراء ومترجمون وكتّاب أصحاب تجارب أدبية وثقافية ألجأتهم الظروف إلى أن يتخلّوا، ولو مؤقتاً، عن التغطيات الأدبية ويُكرّسوا كلّ إمكانياتهم وخبراتهم للتغطية الميدانية".  

ومن الموضوعات التي أضاءتها المجلّة خلال عام من انطلاقتها واقع النساء السودانيات، حيث صدر عدد مُخصّص في الذكرى السنوية الأُولى للحرب بعنوان "في سنَة الكرب ما يدور حول أجساد النساء"، وشاركت فيه كلٌّ من الكاتبات والناشطات/ين النسويات/ين: نعمات الحاج، ومحمد عبد الباقي، والتاية بدر الدين، ومجدي الجزولي. 

يُشار إلى أنه تصدر من الدورية الأسبوعية نسخة إنكليزية مرّتين في الشهر (كلّ يوم اثنين)، ويُساهم فيها تحريرياً كلٌّ من عارف الصاوي، ومحمد الصادق الحاج، وعمار جمال، وحاتم الكناني، وملاذ عماد، ومحمود دقش.

وختم الكناني حديثه إلى "العربي الجديد" بتأكيده أنّ المجلّة "تُراهن على الاستقلالية في ظلّ الامتدادات السياسية العديدة التي تُحاول دائماً أن تشدَّ المشاريع الناشئة صوبها والاستحواذ عليها، خاصة أنه في حالة كالسودان هناك استقطاب سياسي كبير، فضلاً عمّا تُعانيه قوى الثورة أساساً من انقسام".
 

المساهمون