في دراستها "تربية المرأة في الإسلام" (1964)، قدّمت صبا الفاهوم، التي تمرّ مئة عام على ميلادها، صورة دقيقة حول تعليم النساء في عصور الإسلام الأُولى، قبل افتتاح المدارس النظامية في القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي، حيث انخرطن في ميادين العِلم والتأليف وفق المراجع التاريخية، وفي مقدّمتها علم الحديث، كما تستحضر الشواهد على عالمات كانت لهنّ حلقات تدريس في جوامع عدة.
وتعود الأكاديمية والناشطة السياسية الفلسطينية (1923 -2004) في الدراسة إلى تراجم العلماء والأدباء لاستعراض حضور المرأة في كلّ عِلم وفنّ، وإن كان كثير من الناس يفضّل تلقّيها التعليم في منزلها، في نظرة محافظة لها جذورها سواء في ثقافة العرب قبل الإسلام أو لدى الإغريق، موضّحة أن إقفال باب الاجتهاد في التاريخ الإسلامي أدّى إلى تراجُع تعليم المرأة الذي استمرّ على مستوى فردي ودون رعاية من الدولة.
لا يعكس الكتاب اهتماماً بحثياً مجرّداً فحسب لدى الفاهوم، إذ ترافق ذلك مع نشاطها المكثّف في المخيمات الفلسطينية بلبنان مع عملها في مدارس الإناث التابعة لـ"جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية" البيروتية، ومساهمتها في تأسيس العديد من اللجان الشعبية آنذاك التي عُنيَت بتحسين أوضاع اللاجئين الفلطسينيّين آنذاك، بالإضافة إلى تشجيعها على عمل المرأة الفلسطينية.
عملت في التعليم والتدريس الجامعي في بيروت وعدن وبغداد بالإضافة إلى نشاطها الاجتماعي والسياسي
كما كانت واحدة من ضمن النساء الأربع والعشرين اللواتي شاركن في "المؤتمر الفلسطيني الأول" في القدس في أواخر أيار/ مايو 1964، والذي تحوّل إلى مجلس وطني فلسطيني، وقاد إلى إنشاء "منظمة التحرير الفلسطينية"، وشاركت أيضاً في أعمال المؤتمر التأسيسي لـ "الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية" الذي عُقد في القدس في تموز/ يوليو 1965.
خلفية شكّلت وجهة نظر الفاهوم التي عبّرت عنها في الدراسة من خلال الحديث عن المرأة كجزء فاعل في نهضة مجتمعها، وهي في سبيل ذلك تبحث في العديد من القضايا الإشكالية بما يعكس رؤيتها المنفتحة، حيث ترى ضرورة مشاركة النساء في العمل والنشاط الاجتماعي وجميع المجالات التي تعزّز دورها في بناء المجتمع، مع تركيزها الدائم على إمكانية التوفيق بين ذلك وبين دورها في إعداد الأُسرة.
تنتمي صاحبة كتاب "السجينات والموقوفات الفلسطينيات في سجون الاحتلال الإسرائيلي" (1975) إلى مدينة الناصرة، حيث تلقت تعليمها في "مدرسة الإناث الأميرية" بالمدينة، وشاركت في التظاهرات المناوئة للاستعمار البريطاني والحركة الصهيونية، وتأثرت بشقيقها المناضل دياب الفاهوم الذي كان أحد المتّهمين باغتيال لويس أندروز، المفوّض البريطاني في الجليل، في أيلول/ سبتمبر 1937، وخضع للاعتقال والتعذيب وقضى سنوات عدّة في السجن.
واصلت الفاهوم تعليمها الثانوي، ثم انتقلت إلى "دار المعلّمات" في القدس لتنال شهادة التدريس، وفي "المدرسة الإسلامية للبنات" بالناصرة، وواصلت نشاطها الاجتماعي حيث شاركت ضمن النساء المتطوّعات لمداواة الثوّار والجنود في عام 1948.
بعد النكبة، هُجّرت مع عائلتها إلى لبنان، لتستكمل نشاطها عبر الانضمام إلى "الاتحاد النسائي العربي الفلسطيني" الذي تأسّس في لبنان عام 1952، وخضعت إبّان العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956، لتدريب عسكري في الإسعاف الميداني، لتنتقل عقب ذلك إلى العراق وهناك حصلت على درجة البكالوريوس في الأدب الإنكليزي، وحين عادت إلى بيروت واصلت تعليمها الأكاديمي وحازت درجة الماجستير من "الجامعة الأميركية".
كان التعليم مجال خبرتها الأساس، وشغلت موقع مديرة إحدى مدارس مدينة عدن في اليمن، كما درّست الفاهوم الأدب الإنكليزي في "جامعة بيروت العربية" خلال السبعينيات، وكذلك عملت محاضِرة في "جامعة المستنصرية" بالعراق حتى عام 1993، حيث استقرّت في عمّان مواظبة على المشاركة في المؤتمرات النسائية الدولية ضمن الأُطر التنظيمية الفلسطينية، بالإضافة إلى نشر مقالاتها في الصحافة.