مؤتمر "طُرق المياه".. تكوينات الخطاب والجمال

19 فبراير 2024
من أشغال اليوم الأوّل للمؤتمر (تصوير: "معهد الدوحة")
+ الخط -

اجتمعت ثلاث جهات ثقافية في الدوحة لتقديم أوراق بحثيّة تغطّي مجموعة من التخصّصات، بما في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، السياسة والاقتصاد والجغرافيا وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا والتاريخ والفلسفة والدراسات الثقافية والفنون الإبداعية التي تتخذ من الماء موضوعاً رئيسيا لها.

وافتتح يوم أمس مؤتمر "طرق المياه: معارف وجماليات"، بتنظيم من "معهد الدوحة للدراسات العليا"، بالتعاون مع "متاحف قطر"، ومهرجان قطر الأول للفنون "رباعيّة قطر"، والأخير معرض للفنون البصرية، يمتدّ على كامل نطاق دولة قطر، ينطلق في أكتوبر/ تشرين الأول 2026 ويقام كلّ أربعة أعوام.

وعلى مدار ثلاثة أيام تُقدّم في المؤتمر الذي يشارك فيه 35 باحثاً وباحثة من عدة بلدان عربية وأجنبية، محاضرتين رئيسيتين وتسع جلسات متنوعة، بواقع ثلاث جلسات في اليوم. وفي هذا الإطار، رحّب القائمون على المؤتمر بالمقترحات التي تعتبر المياه موقعاً للمعرفة التقليدية والناشئة، وللتنظيم والتحرير، لما هو مدار وغير مدار، وكموقع للسيولة والسيولة التي قد توفّر فهماً أكبر للماضي والحاضر وما قد يأتي.

استغلال سلاح المياه جزءٌ من مخطّطات الإبادة الجماعية للعدوان الصهيوني على غزّة

وقال عبد الوهاب الأفندي، رئيس "معهد الدوحة للدراسات العليا"، في كلمته إنّ ثمّة تجلّيات ومسارات عديدة في المياه حاضرة للاستكشاف والتأمّل، منذ قديم الزمن، إذ اتّخذت منجزات أدبيّة كلاسيكية مثل ملحمة "الإلياذة" الإغريقية، وكذلك في جغرافيا وثقافة أُخرى كان "السندباد البحري" الشخصية الأسطورية في "ألف ليلة وليلة"، راسخاً في الوجدان عبر سردية مُلهِمة من عالم الرحلة والبحار.

ولفت الأفندي كذلك إلى أنّ المياه أحد الوجوه العميقة في الصراعات السياسية، فيما نعرفه من أزمات تتفاوت في حدّتها حتى تصل إلى حروب بقاء. أما التجلّي الساطع هذه الأيام، فهو ما أشار إليه في استعمال المياه جزءاً من مخطّطات الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في غزة.

وشهد اليوم الأول من المؤتمر محاضرة افتتاحية قدّمها فهد بشارة، أستاذ مشارك في تاريخ ودراسات الخليج والجزيرة العربية في "جامعة فيرجينيا" بعنوان: "الكاتب البحّار: منصور الخارجي والعوالم المحيطية بالخليج"، تناول فيها لمحة تاريخية عن مياه الخليج من خلال ارتباطها بتاريخ المحيط الهندي، ونظرة "النواخذة" إلى البحر، مركّزاً على كتابات منصور الخارجي، أحد "النواخذة" الذين عشقوا البحر وكتبوا عن تاريخه العظيم، وضمنت مخطوطات الخارجي، حسب بشارة، ملاحظات حول المِلاحة والمُعاملات والجغرافيا السياسية.

بعد ذلك، انطلقت الجلسة الأولى للمؤتمر بعنوان: "فلسفة الماء"، والتي أدارها الباحث إسماعيل ناشف، أستاذ مشارك في برنامج علم الاجتماع والأنثروبولوجيا في "معهد الدوحة للدراسات العليا"، وفيها قدّم داميان تيسو، أستاذ مساعد زائر في الفلسفة في "جامعة جورجتاون" بقطر، ورقة بحثيّة بعنوان "الماء المعطاء"، فيما تطرّقت الأستاذة أماني زعيبي إلى موضوع "الماء من الشعري إلى الفنومينولوجي"، واختتمت الجلسة الأولى بورقة بحثية تحت عنوان: "إنشائية الماء عند غاستون باشلار من خلال كتابه 'الماء والأحلام'"، من تقديم فوزية ضيف الله، الأستاذة في "جامعة تونس - المنار".

وفي الجلسة الثانية المعنونة بـ"آداب الماء" والتي أدارها الباحث أيمن الدسوقي، أستاذ مشارك في برنامج الأدب المقارن في "معهد الدوحة للدراسات العليا"، قدّمت هبة غانم دراسة حول "المحيط المتحوّل في جسد الأسير الفسطيني في 'الماء والملح' للكاتبة لينا خلف تفاحة"، في حين ناقشت الأكاديمية الجزائرية شفيقة بغدادي وعيل موضوعاً بعنوان: "القطرة التي أفاضت الشعر"، لتُختتم الجلسة الثانية بمداخلة بعنوان: "البحر كرمز للصدمة في قصائد درويش: مديح الظلّ العالي وحصار لمدائح البحر" قدّمها وائل سلام، أستاذ مساعد زائر في اللغة العربية.

يُخصَّص اليومان الثاني والثالث لمواضيع تاريخ المياه، وسياسة المياه، واجتماعية المياه

أما الجلسة الثالثة والأخيرة لليوم الأول، والتي ناقشت محور "سينما الماء"، وأدارتها جمانة عبّاس، مهندسة معمارية وكاتبة، فقد استهلّت بمداخلة من تقديم فاتن مبارك، أستاذة المناهج في الدراسات الاجتماعية في "جامعة تونس"، تناولت فيها واقع الماء في تونس من خلال السينما: "كيف تصبح الصورة السينمائية أداة للفهم والفعل"، بعد ذلك تناول الباحث والأكاديمي حسني مليطات "التحوّلات الدلالية للماء في المشاهد السينمائية الإسبانية والفلسطينية: نظرة تأويلية مقارنة". واختتمت جلسات اليوم الأول بورقة بحثية من تقديم الفنّانة نيزا خان تطرّقت فيها إلى حوار نقدي عن الجغرافيا والذاكرة والتجربة المعاشة.

من أشغال اليوم الثاني للمؤتمر
من أشغال اليوم الثاني للمؤتمر

واستُهلّت جلسات المؤتمر في يومه الثاني بمحاضرة افتتاحية ألقتها لاله خليلي، أستاذة في دراسات الخليج في "معهد الدراسات العربية والإسلامية" بـ"جامعة إكستر"، بعنوان "العيش والغرق على شواطئ التغيير المناخي"، وأدارها مارك روهان رابولت. حيث تناولت خليلي "الكيفيات التي تقوم بها المدن الشاطئية وبنيتها التحتية بصيانة الرأسمال العالمي عبر استخلاص القيمة والنقل وبنيتها التقنية الإدارية، لافتة إلى أنها ذات الكيفيّات التي تساهم بتدرج بإغراق هذه المدن وبنيتها التحتية".

يقدم الباحثون، في اليوم الثالث من المؤتمر، مداخلات حول مياه فلسطين ومياه الخليج وفنّ المياه ضمن ثلاث جلسات، وستخصّص الجلسة الأخيرة للنقاش وتقديم الملاحظات الختامية.

يُذكر أن المؤتمر، الذي يُختَتم غداً، يُركّز على مقاربات بديلة للنقاش حول موضوع المياه، من خلال إعادة تعريف واستكشاف وجهات نظر جديدة حول أهمية المياه في عالمنا.
 

المساهمون