يتعامل الفنان الصيني ليو وي (1972) مع العديد من الوسائط في تنفيذ أعماله ذات الطابع المفاهيمي، مثل الفيديو والتركيب والنحت والرسم، محاولاً من خلالها تقديم فن يهتم بالأدوات والأشياء التي نستخدمها في الحياة اليومية والأنظمة التي تحكم الوجود الإنساني.
وبدأ تجربته في التسعينيات ضمن توجهات اعتمدت البوب آرت والواقعية الساخرة في الصين للتعبير عن قضايا عامة، حيث شارك في معرض جماعي عرض خلاله منحوتات لجثث بشرية وحيوانية وأجنّة ميتة، وواجه اتهامات مع الفنانين المشاركين باللاعقلانية والتطرف.
حتى الخامس من الشهر المقبل، يتواصل في "غاليري وايت كوب" بلندن معرضه الجديد تحت عنوان "عريّ" الذي افتُتح في التاسع من الشهر الماضي، ويقتبس العنوان نفسه لكتاب الفيلسوف الإيطالي جورجيو أغامبين، ضمّ سلسلة مقالات مفهوم الجسد من منظور لاهوتي، حيث يمكن تخيّله يوم الحشر "هشّاً وبسيطاً، وغُفلاً، لكنه عار بلا شك، وقابل لأن يُفكر فيه بيسر ولأن يُفهم بكل بساطة".
يضمّ المعرض عدداً من اللوحات والمنحوتات والتركيبات الجديدة التي يسعى من خلالها وي إلى فهم ما مرّ به العالم وما زال يمرّ به في هذه الأوقات غير العادية، حيث أُنشئت جميع القطع خلال ذروة وباء كورونا في عامي 2020 و 2021، لتعكس فكرة عودة المجتمع إلى جوهره كأجسام وذرات وأماكن للعيش، بهدف التساؤل عن إمكانية البشر للعيش في هيئة واحدة.
يلتقط الفنان الصيني تلك اللحظة التي عاشها العالم حين أصبحت الشوارع مهجورة والمباني والساحة العامة فارغة، حيث فقدت وظيفتها كمواقع للحياة الجماعية، وأصبحت هذه المواقع بدلاً من ذلك "سلسلة من الأشياء/ الأنماط/ الوسائط المجرّدة والمصمتة التي تحيل إلى أشكال من العُري مع قدر من الغموض.
يبني ليو وي أحد التركيبات المعروضة من أنقاض البناء حيث تتجمّع الأعمدة والممرات وحواجز الطرق بالإضافة إلى جزر المشاة معاً، ويسكنها حيوانات معينة: سلحفاة عملاقة، وقطة، وثعبان، وثعلب، وبومة، وحمامة، وصقر، وهو يستخدم في إنشائه الألياف الزجاجية ويغطيه بطلاء رمادي محايد، للدلالة على التغيّر في وظيفة الأماكن التي نسكنها.
ويقدّم في سلسلة من اللوحات الواقع المتغير الناجم عن التحضر السريع والعولمة المتزايدة والتقنيات الرقمية الناشئة، التي تُعرض على نحو مبالغ فيه من التبسيط الذي يمثّل نظرة الإنسان إليه في لحظة تاريخية مثل الإغلاقات التي شهدتها مدن العالم مع تفشي الوباء، حيث يتخلى المجتمع عن المساحات الجماعية بدافع الخوف، ويعودون للتساؤل عن السبب الحقيقي لوجودهم في هذا العالم.