يعدُّ الزعيم الغاني كوامي نكروما (1909 - 1972) من أبرز المناضلين الأفارقة ضدّ الاستعمار، ومن أهمّ دُعاة الوحدة الأفريقية، فضلاً عن كونه أول رئيس لغانا المستقلّة، بين عامَي 1960 و1966. كما لم تقتصر تجربته على الجانب السياسي، بل وضع عدّة مؤلّفات فكرية، من بينها "يجب أن تتّحد أفريقيا"، و"الاستعمار الجديد: آخر مراحل الإمبريالية"، قبل أن يُطاح بحكومته عبر انقلاب عسكري، ويرحل منفيّاً خارج بلاده عام 1972.
استعاد الباحث والفنّان التشكيلي السوداني عبد الله بولا (1940 - 2018) فكر نكروما وتجربته، في كتاب حمَل عنوان "كوامي نكروما: ملامح من سيرة نضاله الفكري والسياسي، دراسة نقدية"، ومن المقرّر أن يتمّ إطلاق الطبعة الثانية والمنقّحة منه عبر حلقة نقاش، عند السابعة من مساء الاثنين المُقبل في مكتبة "مركز الصورة المعاصرة" بالقاهرة.
يشارك في الندوة ثلاثة باحثين سودانيّين، هُم: تيكواج فيتر، والمترجمة نجاة محمد علي، التي حرّرت الكتاب وعملت على جَمْع وإصدار مؤلّفات أُخرى لبولا بعد رحيله، والأستاذ المشارك في العلوم السياسية في "الجامعة الأمريكية" بالقاهرة، إبراهيم النور.
يتناول الكتاب تطوّر المفاهيم التكوينية لفكر الزعيم الغاني، والتجربة الفريدة لحركة الاستقلال في "ساحل الذهب" (كما كانت تُسمَّى غانا الاستعمارية)، بدءاً من مولد "حزب الميثاق الشعبي"، وصولاً إلى تقلُّد نكروما زِمَام الحكم ومن ثم عزله.
ومن مقدّمة المؤلّف نقرأ: "أقول إنّني ما اخترتُ الكتابة النقديّة عن نكروما من باب الاعتباط والعشوائية، وإنما انطلقتُ من قناعة، أتمنّى أن يشاركني إيّاها القارئ، بأن كوامي نكروما من شاكلة الرجال والنساء الذين يستحقّ إنجازهم العملي والنظري وقفة تأمّل نقدي جليلة، والنقد إذ يكّلل هامات الرجال والنساء الذين يتركون بصماتٍ وضيئةٍ في سرية أوطانهم وفي ضمائر شعوبهم في الخطأ والصواب معاً".
ويتابع: "ما من شكّ في أنّ نكروما قد ترك بصمةً ساطعةً مميّزة في تاريخ غانا وفي تاريخ حركتي التحرّر الوطني الأفريقية والعالمية، فعندما عُزل عن السلطة بانقلاب يميني مشؤوم، كانت غانا في طليعة بلدان أفريقيا في كل المستويات الاقتصادية والثقافية والسياسية، بالرغم من عدم خلوِّ طرفه من الأخطاء الفادحة ممّا سيُلمُّ به قارئ هذا السِّفر".
تأتي هذه الفعاليّة في إطار مشروع "ضوء النجيمات البعيدة" (بيت من قصيدة للشاعر السوداني تاج السرّ الحسن) الذي ينظّمه "مركز الصورة المعاصرة" ويهتمّ بأشكال التعبير عن الهوية الأفريقية وتطوّراتها، ويستقرئ مُخيّلات ثقافية واجتماعية وسياسية جديدة حول المنطقة والقارّة الأفريقية خلال العقود التي تلت الاستقلال.