كفاح صوفي

نشأنا أولادَ مخيّمات، وسحر الحياة لا يعني لنا الكثير (لم نكن لنفهمه في ذلك الحين، بحكم العمر، إلّا باستشعار غريزي، غامض وخام، لا عن طريق الوعي). 

نشأنا مع ميول جاءت من الخارج: ماركس وثقافة وأدب الغرب.
نشأنا مع الثقافة الوطنية، في بعضٍ من أنقى صُوَرها.
لم يكن ثمّة مال، هنالك، ولا مجال للتفكير به.

عشنا ذلك كمغامرة حيوية. وعندما تستشعرها بهذا الشكل، فهي بالفعل ملحمة كفاح صوفي. إنها تمرُّد ومقاومة، في آن.
ومن كل هذا المزيج، خرجنا، فمنّا من استشهد، ومنا من سُجن، ومنّا من غاب في غياهب النسيان، ومنّا من لم يزل يعافِر الدنيا ويكتب، لا لشيء، وإنما لأنَّ الكتابة صارت عادة، ولأنه لا يجد شيئاً آخر يمضي على جوانبه الوقت.
نشأنا واكتهلنا، وها نحن نبلغ أرذل العمر، دون ارتكاب رذائل.

أبداً، لم يكن الدين من ضمن دائرة سلوكنا. نقيّم الناس بأعمالهم وبكلماتهم، فقط لا غير.
نشأنا مزهوين بأحلام جزيلة، وعشنا حتى رأيناها جميعا تتهاوى من حالق.
لهذا، لا تستكثروا علينا، وقد توغّلنا في الخيبة، الإيغالَ في المرثيات.
إنها أواسط ونهاية السبعينيات. ذلك العمر الذي يجوب فيه الحنينُ كل مناحي النفس، في الغربة.

* شاعر من فلسطين مقيم في بلجيكا

موقف

التحديثات الحية

هدايا الحياة