كريبي كاتيمبو: واقعٌ اجتماعي ينعكس على صفحة الماء

14 يونيو 2023
"أن تنجو"، من سلسلة "نظرة" (من المعرض)
+ الخط -

خلال حياته القصيرة، التي لم تطُلْ أكثر من 36 عاماً، عُرف المصوّر الكونغولي كريبي كاتيمبو بنضاله من أجل العديد من القضايا التي كانت مدن بلده وأهلها محرومين منها بشكل نسبيّ أو كامل، ولا سيّما مسائل التلوّث وعدم توافر مياه نظيفة بما يكفي، وأنظمة صحّية تحول دون بعض الأمراض. 

وجاء رحيل كاتيمبو (1979 ــ 2015)، عقب إصابته بواحدٍ من هذه الأمراض (الملاريا) التي كان يمكن تجنّبها لو توفّرت لقاحات ونظام صحّي فعّال، ليؤكّد على أهمّية نضاله وليلفت الأنظار مجدّداً إلى تجربته التي توزّعت بين الفوتوغرافيا والإخراج السينمائي.

"كريبي كاتيمبو: نظرة"، هو عنوان المعرض الاستعادي الذي يُقيمه "غاليري ماغنان أ." في باريس منذ الثالث من حزيران/ يونيو الجاري وحتى التاسع والعشرين من الشهر المقبل، مقدّماً من خلاله تحيّة إلى فنّان ترك وراءه "تجربة فوتوغرافية فريدة في خياراتها الجمالية"، كما نقرأ في بيان المعرض.

الصورة
"أن تتقدّم"، من سلسلة "نظرة" (من المعرض)
"أن تتقدّم"، من سلسلة "نظرة" (من المعرض)

تشترك الصورُ التي يضمّها المعرض في أمرين: في انهماكها بالواقع الاجتماعي والصحّي والبيئي لـ كينساشا، عاصمة الكونغو، وفي التقنية التي أنجز من خلالها هذه اللقطات: تقنية المرآة، التي تقتضي تصوير مشاهده كما تنعكس على صفحة الماء.

وإذا كان هذا الخيار فنّياً وجمالياً لدى كثيرٍ من المصوّرين الذين لجأوا إليه، فإنه لدى كاتيمبو أقرب إلى حاجةٍ منه إلى بذخ جماليّ. ذلك أن بِرَك المياه التي يصوّر مَشاهده عليها هي في الأساس أحواضُ مياهٍ آسنة موجودة في شوارع وساحات كينساشا، وتلوّثها النفايات والأغبرة.

الصورة
"التيه"، من سلسلة "نظرة" (من المعرض)
"التيه"، من سلسلة "نظرة" (من المعرض)

ومن دون الوقوع في لغةٍ بصرية إنشائية أو مكتفية بالشعارات، يُبين المصوّر عن الإهمال الذي تعاني منه المناطق الحضرية في المدينة وعدم اهتمام مسؤوليها بنظافتها وصحّة سكّانها، حيث يجعل من هذا الإهمال ومن صفحة الماء الملوّث قاعدةً لكامل المشهد الذي تنبني عليه طبقاتٌ من الحياة والمعيش اليومي: مارّةٌ يعبرون قرب تلك الأحواض الآسنة أو أطفالٌ يقفون بقربها، وبيوتٌ وسككٌ حديدية وحافلات وغيرها ممّا ينعكس على الماء.

المساهمون