كازيمير ماليفيتش: دفاعاً عن الكسل

26 اغسطس 2022
"شخصان أمام منظر طبيعي" لـ كازيمير ماليفيتش
+ الخط -

إذا كانت رواية "أوبلوموف" (1859) للكاتب الروسي إيفان غونتشاروف (1812 ــ 1891) تحظى بشهرة ومقروئية واسعة، حتى يومنا هذا، في روسيا وأوروبا، فلأنها ــ إضافة إلى كونها عملاً أدبياً مهمّاً ــ  تقدّم للقرّاء صورة مختلفة تماماً عن عالمهم المحكوم بالعمل والإنتاجية، حيث عُرف بطل الرواية، أوبلوموف، بكسله الشديد، وعدم رغبته في العمل، واستمتاعه بالبقاء مستلقياً على أريكته طيلة الوقت تقريباً.

إلى جانب "أوبلوموف"، شهدت المكتبة الأدبية والفكرية الغربية، خلال القرنين الماضيين، صدور العديد من الأعمال البارزة التي تمتدح الكسل في وجه عالَم لا يتوقّف عن مطالبة المجتمعات بالإنتاج، ومن أشهر هذه الأعمال كتابا "مديح الكسل" للفيلسوف البريطاني برتراند راسل، و"فنّ الكسل" للكاتب الألماني هرمان هسّه.

عن منشورات "أليا" في باريس، المعروفة بكتبها صغيرة الحجم، صدرت حديثاً النسخة الفرنسية من كتاب "الكسل بوصفه حقيقةً فعّالة للإنسان"، للروسي كازيمير ماليفيتش (1879 ــ 1935)، الذي يُعَدّ من أبرز التشكيليين الروسيين في مطلع القرن الماضي، والذي عُرف بوضعه العديد من المقالات الفكرية إلى جانب عمله الفنّي.

الكسل

وضع ماليفيتش مقاله هذا عام 1921، في وقتٍ كانت فيه النقاشات على أشدّها، في روسيا، حول الرأسمالية ومستقبل الإنسان وعلاقته بالعمل. وهو، مثل أغلب الذين يكتبون حول مسألة الكسل، يدعو إلى تخليص الإنسان من إضاعة وقته في العمل، كي يتفرّغ لأهمّ ما يمكن أن يفعله: العيش بتناغم مع الطبيعة.

على أنّ المؤلّف يختلف عن أقرانه في الوسيلة التي يقترحها للوصول إلى هذه الغاية. صحيحٌ أنه ينتقد، مثل أقرانه، استلاب العمل للإنسان العمل وجشع الرأسمالية، إلّا أنه لا يُلغي دور الرأسمالية تماماً ولا التكنولوجيا، حيث يعتقد أنه يمكن الاستفادة من تصنيع الآلات المبرمجة التي عليها أن تحلّ، مستقبلاً، مكان الإنسان في عمله، ما يتيح له الوقت الكافي للالتفات إلى ما هو أساسيّ في حياته: انشغاله وعمله على ذاته، لا على إنتاج سلع تفوق حاجته اليومية إلى الاستهلاك.

المساهمون