كابوس

01 نوفمبر 2024
فتاة فلسطينية تحمل أختها وسط الدمار الذي سبّبه القصف الإسرائيلي على غزّة (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يعيش الكاتب الفلسطيني في بلجيكا بينما يعاني أهله في جباليا من ظروف قاسية تحت الأنقاض، حيث يرفضون النزوح متمسكين بالبقاء في منازلهم رغم الجوع والعطش ونقص الدواء، مفضلين الموت في بيوتهم على حياة الخيام المذلة.
- يعبر الكاتب عن شعوره بالعجز والقهر لعدم قدرته على مساعدة أهله بسبب المسافات الشاسعة التي تفصل بينهم، ويشعر بالضياع بين قراءة الكتب عن التاريخ الوحشي وبين الواقع الأليم الذي يعيشه أهله.
- يتساءل الكاتب عن جدوى الكتابة والقراءة في ظل هذه الظروف، ويعبر عن حاجته لفعل شيء ملموس لمساعدة أهله، متضرعًا إلى الله بالرحمة.

كيف تكتب وماذا، عندما يكون أهلُك وشعبك تحت الأنقاض، أو أحياء لا مكان يذهبون إليه؟ لي عوائل في جباليا، أنا خالهم، رفضوا النزوح من قبل رغم الإلحاح عليهم، قائلين إنّهم لن يكرّروا خطأ الأجداد، وقد انقلبت "نِجِدْ" إلى "سيدروت". سيتشبّثون بالمخيّم، فالخيار أمامهم واحد ووحيد: البقاء في الدار، على جوع وعطش ونقص دواء، أو الموت تحت أنقاضها: "بلاها مذلّة الخيمة يا خال".

ها أنا أتّصل منذ أسبوعين يوميّاً، وغير مرّة، بلا طائل. وها أنا أعود مرغماً لأقرأ كُتباً عن أوحش ما خلق الله، وكيف كانت آلةُ قتلهم تستأصل خلق الله من غير لونهم باطّراد، ماسحةً ثقافات وحضارات، هُم برابرة التاريخ لا يعرفونها ولا يقدّرونها، متى فاقد الشيء كان يفهم و يُقدّر؟ فاقد الحضارة ضدّ أية حضارة. إنما... أنتبه وأعود لنفسي مُقرّعاً: الناس في إيش وحضرتك في إيش؟

لا بدّ من عمل شيء ما، غير أن تقرأ وتكتب. فماذا أعمل وبيني وبينهم بِحار وجبال ومسافات؟ ماذا سأفعل وأنا كُلّيّ العجز والقهر؟ ولماذا يتأخّر البكاء دوماً في الكوابيس؟ لا أذكر مرّةً أنّني بكيت في كابوس منام، فكيف أواظب على هذا النهج، في كابوس واقع حالٍ ومآل؟ 

الرحمة يا خالق الرحمات!

 

* شاعر فلسطيني مقيم في بلجيكا

موقف
التحديثات الحية
المساهمون