في موقع "معرض الجزائر الدولي للكتاب" على الإنترنت وصفحاته على منصّات التواصُل الاجتماعي، لا يزال التاريخُ متوقّفاً عند ربيع العام الماضي، الذي شهد تنظيم الدورة الخامسة والعشرين بين الرابع والعشرين من آذار/ مارس والأوّل من نيسان/ إبريل، وكان ذلك موعداً استثنائياً عادت فيه التظاهُرة الثقافية الأبرز في الجزائر بعد غياب سنتَين متتاليتَين (2020 و2021)؛ حيثُ أُقيمت خارج موعدها المُعتاد بين تشرين الأوّل/ أكتوبر وتشرين الثاني/ نوفمبر من كلّ سنة.
مرّت سنةٌ وشهر على الدورة السابقة. لكنّنا لا نعثر في موقع المعرض أو صفحاته على أيّةِ إشارة إلى الدورة المقبلة التي تُفترض إقامتُها في التاريخ الاعتيادي (خريف السنة الجارية). لا نعثر على تلك الإشارة في موقع وزارة الثقافة أو صفحاتها أيضاً، والتي دأبت، في الآونة الأخيرة، على نشر رزنامات تتضمّن مواعيد الفعاليات والمهرجانات الثقافية المُبرمجة خلال شهر، لا خلال السنة كاملةً.
وفي موقع "اتّحاد الناشرين العرب"، تُطالعنا قائمةٌ بمعارض الكتاب الدولية، السابقة والحالية واللاحقة، التي تُقام في مُدن عربية مختلفة خلال العام الجاري: معرض تونس الذي يختتم غداً الأحد، وأبوظبي الذي ينطلق في الثاني والعشرين من أيار/ مايو الجاري، والرباط والدوحة في حزيران/ يونيو، وفلسطين وعمّان في أيلول/ سبتمبر، والشارقة والكويت وبيروت في تشرين الثاني/ نوفمبر. لكنّ معرض الجزائر ليس موجوداً بينها.
حالةٌ تُفسّر ارتجالية تنظيم الفعاليات الثقافية ومضامينَها الفقيرة
قد يقول قائلٌ إنّ القائمين على المعرض، ومن خلفهم وزارة الثقافة، يعملون "في صمت" للتحضير للدورة المُقبلة. لكنّنا سنتأكّد أنّ التحضيرات لم تبدأ بعد، حين نعلم من ناشرين جزائريّين وعرب أنّهم لم يتلقّوا دعوات للمُشاركة في المعرض، مع العلم أنّ إجراءات المشارَكة وشحن الكُتب تتطلّب وقتاً طويلاً، عادةً ما يصل إلى ثلاثة أشهر.
لا يعني ما سبق أنّ "معرض الجزائر الدولي للكتاب" لن يُقام هذا العام، أو أنّه لن يُقام في موعده المعتاد، لكنّه يُشير إلى عادة مُزمنة ترتبط بالفعاليات الثقافية الجزائرية، الكبيرة منها والصغيرة، الوطنية منها والدولية؛ حيث ينسى القائمون عليها أمرها طيلة أيام السنة، ثمّ يتذكّرونها في ربع الساعة الأخير ويشرعون في التحضير لها على عجالة، وهو ما يؤدّي في النهاية، وفي كثير من الأحيان، إلى تنظيمها بشكل ارتجالي، ببرنامج ثقافي غير نوعي، وبما أُتيح من مشارِكين؛ ناشرين وكتّاباً.
أكثر من ذلك، حدث غير ما مرّة أن جرى ترحيل معرض أو مهرجان، في الكتاب والسينما والمسرح وغيرها، إلى السنة التالية، بحُجّة أنّ "الوقت المتبقّي غير كافٍ لتنظيم دورة قوية". لكنّ الطريف أنّهم لن يشرعوا في التحضير له إلّا وقد أصبح الوقت أضيق من ذلك الذي كان متاحاً في السنة الماضية.