"أعتقد أنّها قصة عن الشيخوخة والموت. على كلّ حال، هما، في نهاية المطاف، شريكان. ربما، الآن صار بإمكاني أن أقول إنها رواية عن كرامة العيش والموت". قد تكون هذه الجملة أفضل مدخل للتعريف بالكاتب البيروفي غوستافو رودريغز، وروايته الأخيرة "ألف أرنب"، والتي نالت مؤخّراً جائزة "الفوغارا الإسبانية للرواية" لهذا العام.
تحكي الرواية سيرة يوفراسيا فيلا، وهي امرأة تكسب رزقها من رعاية المُسنّين في العاصمة البيروفية ليما. مصادفات الحياة والعمل سيدفعان بها إلى اتخاذ قرارٍ وجودي بالنسبة إلى المُسنِّين الذين تعمل معهم. علاقتها الحميمة مع العجوز كارمن، ومع الدكتور هاريسون، ثم بعد ذلك مع سبعة مسنّين يُطلقون على أنفسهم اسم "المسنّون الأبطال"، ستجبرها على إعادة النظر في دورها كأخت وأم.
تتطوّر شخصية فيلا مع صفحات الرواية، وسيجد القارئ أمامه امرأة تتعاطف مع المسنّين إلى درجة كبيرة، وفي كثير من الأحيان سوف تساعدهم حتى على الموت، حين يطلبون منها ذلك. تصوّر الرواية تشرذُم المجتمع البيروفي، وانشراخ العائلة فيه، وابتعادها عن كبار السنّ الذي يقضون حياتهم وحيدين في مجتمع فقَد القِيم والأخلاق تُجاههم.
صنّف النقّاد الرواية على أنّها مأساوية، ورغم أنّ أحداثها تجري في مدينة ليما، إلّا أنّها تصوّر إحدى أبرز المفارقات في عصرنا: مجتمعات كبيرة العمر إلّا أنها تُعادي بشكلٍ واضح وبارز مُعمِّريها.
نال غوستافو رودريغز بعد نشر رواياته شُهرة محلّية، إلّا أنه بعد صدور هذه الرواية في مطلع العام الحالي، حصد اهتمام النقد في إسبانيا وبلدان أميركا اللاتينة. حيث تُعتبر هذه الشهرة بحدّ ذاتها إنجازاً، لا سيّما في جنس الرواية، إذ يكاد شبح صاحب "نوبل"، ماريو بارغس يوسا، يطغى على جميع الروائيّين الموجودين في البلد، إلّا أن رودريغر استطاع أن يشقّ طريقه ويبرز ككاتب له روائيته وسرديته ومواضيعه الخاصة به.
وُلد رودريغز في العاصمة البيروفية ليما عام 1968. درس الإعلام في "المعهد البيروفي للإعلام"، وبدأ مسيرته الأدبية في عام 1986، حين عمل كمحرّر صحافي في عدّة صحف ومجلات محلّية. نشر أول عمل أدبي له في العام 1998، وكان عبارة عن مجموعة قصصية حملت عنوان "قصص نهاية الأسبوع". بعد ثلاث سنوات، أيّ في عام 2001، نشر عمله الثاني، وكان هذه المرّة رواية "غضب آخيل". كما نشر، العام الماضي، روايته "ثلاثون كيلومتراً في منتصف الليل".