"غضب الكِتاب": مبادرةٌ مستقلّة في تشيلي أصبحت مهرجاناً ثقافياً

04 يناير 2025
من المعرض
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في تشيلي، تخضع الكتب لضريبة 19% منذ عام 1976، مما أثر سلباً على معدلات القراءة، حيث أظهر استبيان 2022 أن 52% من السكان لا يقرأون بسبب ارتفاع أسعار الكتب مقارنة بالدخل.

- مبادرة "غضب الكتاب"، التي أطلقتها دور نشر مستقلة في 2009، تهدف لتعزيز القراءة ودعم الكتاب الورقي، وتحولت إلى معرض ومهرجان أدبي بارز يُعقد مرتين سنوياً في سانتياغو.

- النسخة الشتوية للمعرض ركزت على "الترجمة الأدبية والطباعة المستقلة"، وجمعت 166 دار نشر و150 مترجماً وكاتباً، مع عروض ولقاءات ثقافية، رغم التحديات المستمرة في مواجهة الكتاب الرقمي.

في العديد من بلدان القارة اللاتينية، لا يخضع الكتاب لأيّة ضرائب، كما هو الحال في كولومبيا وأوروغواي وبيرو. ولكن في تشيلي، تخضع الكتب، منذ عام 1976، إلى ضريبة تصل إلى 19% من قيمته الإجمالية، بما لا يُميّزه عن غيره من السلع الأُخرى. أثّرت هذه الضريبة على معدّلات القراءة في البلاد؛ حيث أظهر آخر استبيان أُجري (2022) أنّ 52% من سكّان تشيلي لا يقرأون، بسبب أسعار الكتب المرتفعة مقارنةً بالدخل، ناهيك بحجم الضريبة المفروضة عليها.

كانت جميع المبادرات الحكومية لدعم القراءة والتشجيع عليها بمثابة علاج وهمي؛ إذ لم تشمل أيٌّ منها إلغاءَ الضريبة أو خفضها، أو حتى خفض أسعار الكتب. وفي سياق موازٍ، نشأ عددٌ من المبادرات المستقلّة التي سعت إلى إعادة فعل القراءة إلى المجتمع التشيلي، بعدما صار في غياهب النسيان.

"غضب الكتاب" هو واحدة من تلك المبادرات. وقد أطلقتها مجموعة من دُور النشر المستقلّة في 2009 بهدف التشجيع على القراءة لتكون في صلب المجتمع، إضافة إلى دعم صناعة الكتاب الورقي، وخلق مساحة لا لبيعه فحسب، بل للقاء تيارات الفكر المختلفة ومحاربة خطابات الجهل والكراهية والعنف.

سرعان ما تحوّلت المبادرة (في 2010) إلى معرض كتاب ومهرجان أدبي بات تقليداً ثقافياً بارزاً في تشيلي؛ حيث يُعقَد مرّتَين في العام، الأُولى في الصيف والثانية في الأسبوع ما قبل الأخير من كلّ عام في "المركز الثقافي لمحطّة القطارات التاريخية مابتشو" بالعاصمة سانتياغو، بمشاركة ناشرين وفاعلين ثقافيّين من بلدان أميركا اللاتينية لمناقشة واقع الكتاب وتحدّياته في ظلّ العصر الرقمي.

دفاعٌ عن الكتاب الورقي ودوره في الحفاظ على فعل القراءة

أُقيمت النسخة الشتوية من المعرض هذا العام تحت عنوان "الترجمة الأدبية والطباعة المستقلّة"؛ حيث اجتمعت قرابة 166 دار نشر من تشيلي و25 من الأرجنتين وبيرو وكولومبيا وإسبانيا، إضافةً إلى نحو 150 مترجماً وكاتباً ومحرّراً، في سلسلة من اللقاءات والأنشطة التي تناولت الترجمة كممارسة ثقافية، وتطوُّرَها في تشيلي في السنوات المئة الماضية، والمشكلات التي يواجهها المترجمون والمؤلّفون والمحرّرون، وقدّمت لمحة عامّة ونقدية عن المترجِمات الناشطات في البلاد، ومراجعةً لموقع الترجمة في صناعة النشر، إلى جانب عروض تقديمية لكتب تُرجمت ونُشرت أخيراً في تشيلي.

جمعت التظاهرة في أيّامها الأُولى قرابة ستّين ألف شخص، وقد أسهم في ذلك البرنامج الثقافي الذي شمل لقاءات مع كتّاب بارزين في القارّة؛ مثل الكاتبة الأرجنتينية ماريا مورينو، والتي مُنحت، على هامش المعرض، "جائزة مانويل روخاس للسرد"، والشاعرتَين التشيلية روشانا ميراندا والبيروفية كاثي سيرانو.

رغم ذلك، لا تُنكر إدارة معرض "غضب الكتاب" الصعوبات التي تواجهها كلّ عام، بدءاً من مشكلات القراءة وصعوبة شراء الكتب، وصولاً إلى ميل الناس بشكل عامّ إلى الكتاب الرقمي. مع ذلك، لا يزال الناشرون المستقلّون في تشيلي يدافعون عن الكتاب الورقي ودوره في الحفاظ على فعل القراءة. ربّما من هنا يمكن فهم شعار الدورة الجديدة "الكتاب الورقي كتجربة قادرة على تغيير الحياة".

المساهمون