علي بالّاغة: ذاكرة بصرية لتونس القديمة

13 فبراير 2022
جزء من عمل لـ علي بالاغة
+ الخط -

قلّما يُستعاج الفنّانون التشكيليون في تونس بعد رحيلهم. وفي ظلّ عدم توفّر متحف شامل للفنون التشكيلية (هناك مشروع لم يقدّم بعد ثمراته)، يغيب البعد التوثيقي إلى حدّ كبير، خصوصاً وأن الكثير من الأعمال تضيع بين الورثة.

يعدّ علي علي بالّاغة (1924 - 2006) أحد أبرز أسماء الفن التشيكيلي التونسي في القرن العشرين، ولكنْ في ما عدا إشارات المؤرّخين ومعارفه من الفنّانين، يكاد يغيب حضوره عن الأجيال التي ظهرت بعده.

أمس، افتُتح في "مركز الفنّ الحيّ صفية فرحات" في مدينة رادس بالقرب من تونس العاصمة معرض استعادي يستمر إلى 25 من الشهر الحالي، حول تجربة بالّاغة، وإضافة إلى اللوحات يقترح المعرض شريطاً وثائقياً بعنوان "علي بالّاغة: الفنان الحِرَفي" للمخرج حميدة بن عمار أنجزه سنة 2004.

تتميّز تجربة بالاغة بكونها منغرسة في الهويّة البصرية التونسية، ويعود ذلك إلى كونه سليل أسرة كانت تعيش من الحِرَف اليدوية والصناعات التقليدية، فكان الخزف والنقش على النحاس وغير ذلك من الخامات والتقنيات من مفردات حياته اليومية، والتي سيوظّفها في مشواره الفني.

درس الفنان التونسي في "مدرسة الفنون الجميلة" بباريس في خمسينيات القرن الماضي، وخالط أشهر المتخصّصين في الحفر الفنّي في فرنسا، حيث التقط أن تقنيات هذا الفن يمكن إدماجها في العناصر الفولكلورية التونسية.

حين عاد إلى تونس، كان هناك طلب من الدولة والمجتمع لإنتاج هويّة خاصّة بتونس المستقلّة حديثاً، وهنا انخرط بالّاغة في ما يعرف بتيّار "مدرسة تونس"، كما ترأّس لاحقاً "اتّحاد الفنّانين التشكيليين التونسيين" الذي كان من مؤسّسيه.

لاحقاً غذّى تجربته بأسفار كثيرة حاول فيها التماس عناصر جمالية متباينة وتوظيفها في لوحاته، من أقصى الصيحات الحداثية في الولايات المتحدة الأميركية إلى ملامسة فنون الشرق الآسيوي.

يمكن القول بأن بالّاغة هو أحد أكثر الفنانين التونسين بحثاً على مستوى الخامة، حيث نجد أعماله موزّعة بين الحفر على الخشر، والتمثيل عبر تطويع الحديد، ناهيك عن اللوحة بمعطياتها الكلاسيكية، وتوظيف الخطوط العربية داخلها وخصوصاً ما اختزنه من صور لتونس القديمة.

المساهمون