"عبّاس 36": عائلتان فلسطينيّتان وبيتٌ واحد في حيفا

25 نوفمبر 2023
من الفيلم
+ الخط -

قصّةُ عائلتَين فلسطينيّتَين سكنتا، خلال فترتَين زمنيّتَين مختلفتَين، نفس البيت في "شارع عبّاس 36" الذي بُني في أوائل الثلاثينيات في مدينة حيفا، يرويها فيلم "عبّاس 36" (2019)، الذي تعرضه "مكتبة قطر الوطنية" في الدوحة، بالتعاون مع قناة "الجزيرة الوثائقية"، عند الخامسة من مساء الجمعة، الأوّل من كانون الأوّل/ ديسمبر المُقبل، ضمن فعالياتها الخاصّة بفلسطين.

يُبرز الشَّريط الوثائقي، الذي أخرجته مروة جبارة طيبي ونضال رافع، كيف رافَق هاجس المكان العائلتَين، متوقّفاً عند أحداث مفصلية في حياتهما التي تراوحت بين رحلتَي اللجوء والبقاء في الوطن. إنّهما قصّتان متوازيتان ومتقاطعتان في آن: نُتابع في إحداهما رحلة نضال رافع بحثاً عن العائلة التي بنت وسكنت البيت الذي اشترته عائلتُه، وفي الأُخرى رحلة دينا أبو غيدا في محاولتها العودة إلى البيت الذي بنته عائلتُها.

حكاية عائلة عاشت ما عاشه أكثر من 750 ألف فلسطيني هُجّروا عام 1948

مثلما حدث مع أكثر من 750 ألف فلسطيني هُجّروا من بيوتهم قسراً وحُوّلوا إلى نازحين ولاجئين لإقامة الكيان الصهيوني، أَجبرت العصابات الصهيونية، في عام 1948، عائلةَ أبو غيدا على ترك المنزل الذي شيّدته وسكنته في حيفا التي كانت مدنُها وقراها من بين أكثر المدن والقرى الفلسطينية تضرُّراً خلال النكبة (نتذكَّر هنا قرية الطنطورة التي أُبيدت بالكامل)؛ إذ دمَّر الاحتلال أكثر من خمسة آلاف قرية في حيفا (من أصل 73 ألف عربي قبل 1948، لم يبق في حيفا سوى 3000، كما نستمع في الوثائقي).

كان الشتات مصيرَ عائلة أبو غيدا التي سيتوزّع أبناؤها بين منافي سبعة عشر بلداً عبر العالَم. أمّا بيتُها، فاستوطنته عائلة يهودية قدمت من النمسا بعد النكبة، قبل أن تبيعه إلى عائلة رافع التي سيُعرّفنا الوثائقي أيضاً إلى قصّتها؛ فالزوج، علي رافع، استشهد والدُه خلال النكبة، أمّا الزوجة، سارة جودة، فتنحدر من مدينة القدس حيث كان أفراد عائلتها أمناء مفتاح "كنيسة القيامة" فيها، واستشهد والدها خلال نكسة 1967. وكلاهما - الزوجة والزوج - يشتركان في هاجس البحث عن أصحاب البيت الأصليّين.

في 72 دقيقة، يتتبّع الوثائقي رحلة نضال رافع بحثاً عن مُلّاك البيت الأصليّين، ورحلة الحفيدة دينا أبو غيدا، التي تعيش في سورية، لاستعادة بيت جدّها وتحقيق حلم العودة إلى البيت والوطن. تتمسّك عائلة رافع بالبيت ولا تُساوم على بيعه، بينما تبحث عائلة أبو غيدا عن أيّة قطعة من ذلك البيت لتستعيد من خلالها ذكرياتها قبل التهجير.

وخلال الرحلة، توثّق الكاميرا أحداثاً مفصلية في حياة العائلتين بين فلسطين وبلدان الشتات؛ نستمع إلى الرسائل القديمة ونرى الصور والوثائق التاريخية؛ ومنها وثائق عن المنزل الذي شيّده الجدّ أحمد أبو غيدا بالشراكة مع شقيقه، وفيها تفاصيل دقيقة عن المساحة والتكاليف تُبيّن بناءه ضمن مرحلتَين؛ آخرهما قُبيل النكبة بقليل (عام 1947) حين جرت إضافةُ طابق ثانٍ وإدخال بعض التعديلات عليه. نرى أفراداً من العائلة في الشتات وهُم يضمّون أغصان زيتون من حيفا ويتشمّمون رملاً من شاطئها، ويؤكّدون أنّ العائلة التي تركت بيوتها وأطيانها وراءها أخذت معها رأس مال يتمثّل في العلم والوعي بالهوية والوطن.

آداب وفنون
التحديثات الحية
 
المساهمون