استمع إلى الملخص
- حملة تضامن واسعة مع اللعبي جمعت أكثر من 700 توقيع من شعراء ومثقفين عالميين، احتجاجًا على القرار الأولي بإلغاء استضافة الشعراء الفلسطينيين، ما أدى إلى تغيير موقف الجمعية وإعادة الدعوة.
- الجدل حول قرار الإلغاء والتراجع عنه يسلط الضوء على الضغوط السياسية والأيديولوجية التي تواجه الفعاليات الثقافية، مع تأكيد المتضامنين على أهمية الكلمة الشعرية في مواجهة التحديات الأيديولوجية والسياسية.
أعلَن الشاعر والروائي والمُترجِم المغربي عبد اللطيف اللعبي (1942) عَبْر حسابه على فيسبوك، مساء أمس السبت، تلقّيه بياناً من جان ميشال بلاس، الرئيس المُؤسِّس لجمعيّة "C/I/R/C/E"، ومُنظِّم تظاهُرة "سُوق الشعر" التي تُقام في باريس منذ عام 1983، يُفيده بـ"أنّ الشعر الفلسطيني سيكون ضيفَ شرف هذا السوق لعام 2025".
وبهذا تكون الجَمعيّة قد تراجعت عن قرارها إلغاء الاستضافة الشَّرَفية، الذي كانت قد اتّخذته في الثلاثين من أيار/ مايو الماضي، بعد إعلامها اللعبي بـ"أنّ الوضع المأساوي الحالي لم يعُد يسمح بالنظر في هذا المشروع". لكنّ الشاعر المغربي ردّ فوراً على قرار الإلغاء، مُعرباً عن "ذهوله" في رسالة وجّهها للقائمين على الحدث، مطلع حزيران/ يونيو الجاري، ومؤكّداً أنّ الإلغاء "مُتحيّز سياسيّاً ولا يُمكن تحمُّله أخلاقيّاً"، مُضيفاً: "قرارُكم بعدم السماح لهم (الشعراء الفلسطينيين) بالمُشاركة الحرّة العام المُقبل سيُثير الشكّ حول حُسْن نيّتكم كمنظّمين لـ'سُوق الشّعر'، وسيضرّ بمستقبل التظاهُرة".
جمعَت حملة التضامن مع الشاعر أكثر من 700 توقيع احتجاجاً على قرار الإلغاء
وأثارت رسالة الشاعر المغربي التي توجَّه بها إلى القائمين على التظاهُرة، مُعرباً فيها عن احتجاجه على قرار الجمعيّة بإلغاء استضافة الشعراء الفلسطينيّين، الذين قدّمهم في الجزء الثالث من مشروعه الأنطولوجي ("أن تكون فلسطينيّاً: أنطولوجيا الشعر الفلسطيني الراهن"، 2022)، حملة من التضامن معه نجحت في جمع أكثر من 700 توقيع لشعراء وكتّاب ومثقّفين وناشرين وقُرّاء فرنسيّين ومن مختلف بُلدان العالَم يستنكرون فيها هذا القرار.
وممّا جاء في بيان حملة التوقيعات، الذي كتبه كلٌّ من إيزابيل كرزيكوفسكي وباسكال ميّارد، وذُيّلَ بقصيدة للشاعر الفرنسي سيرج باي (1950)، ونشره موقع "ميديا بارت": "إنّ المنظّمين بقرارهم هذا يُسيّسون 'السوق' أكثر بكثير من المناقشات التي يقولون إنّهم يخشونها، بل يُسيّسونه بأسوأ معاني الكلمة"، وتابع البيان: "أليست الكلمة الشعرية على وجه الخصوص، هي الأقدر على مواجهة هذا التلوّث الأيديولوجي المُحيط بنا؟".
لم تتراجع الجمعيّة إذاً عن قرار الإلغاء من تلقاء نفسها، بل اضطرّت لذلك حين رأت أنّ الأمر تحوّل إلى قضيّة عامّة تتعدّى المُشتغِلين في الحقل الثقافي على كِلَا الضفّتين العربية والفرنسية، وتعني عموم المؤيّدين للقضية الفلسطينية حول العالَم والمندّدين بالإبادة الصهيونية، الذين رفضوا هذه الممارسة الإلغائية، ورأوا فيها ضرباً من ازدواجية المعايير الغربية، والرقابة الموصوفة بغاية التغطية على الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في غزّة.
كما اعتبرت العديدُ من الأصوات المُتضامِنة مع اللعبي، ومن ورائه الشعر الفلسطيني، تخبُّطَ إدارة الجمعيّة بين إلغاء الاستضافة والتراجُع عنه خلال أيّام قليلة، وتغطيتها على ذلك بالحديث عن النفقات المالية والخشية من تحوّل "سوق الشعر إلى منتدى سياسي وغير شعري"، خضوعاً واضحاً للضغوط الصهيونية المُمارَسة على الأوساط والمؤسّسات الثقافية الفرنسية، وتبنّياً لسردياتها.