طه القرني.. رؤية الجموع من علٍ

19 فبراير 2021
(من المعرض)
+ الخط -

ينشغل الفنان المصري طه القرني (1965) بأعمال فنية تركّز على الحشود وحركتهم في المكان، ومنها جداريته التي تضّمنت الأحداث الرئيسية في ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، وكانت بارتفاع اثنين وخمسين متراً وامتداد مئة وخمسين متراً، وتمّ عرضها في عدد من المدن المصرية.

تتنوّع المصادر التي يستمد منها مفردات لوحاته وجدارياته، منها ما يعود إلى طفولته جنوب وادي النيل والتي يمتزج فيها الواقع بالحلم، وكذلك الطقوس الشعبية المصرية مثل من المواكب الدينية وزفة العروس والمولد وتجمعات الباعة كما في جدارية "سوق الجمعة بالسيدة عائشة".

يرصد توزيع الكتل البشرية وطبيعة تحرّكها وانتقالها داخل المكان حين يوحّدها طقس واحد

"فوق الرأس" عنوان معرض القرني الذي افتتح الأحد الماضي في "غاليري إبداع" بالقاهرة ويتواصل حتى الحادي عشر من الشهر المقبل، في استكمال لمعارضه السابقة التي ترصد التحولات والمتغيرات الثقافية والاجتماعية في المجتمع المصري من منطلق ارتباط الناس بتراثهم ضمن تجاذباته بين الوعي واللاوعي الجمعيَّين.

يرصد الفنان توزيع الكتل البشرية وطبيعة تحرّكها وانتقالها داخل المكان حين يوحّدها طقس واحد، بما فيه من إشارات ورموز وإيقاعات تجذب المتلقي وانعكاس ذلك في اللون وتقاطعات الخطوط، مع تركيز على فكرة تحرّر الإنسان من قيود المكان والزمان في بعض تلك الطقوس.

(من المعرض)
(من المعرض)

يقول القرني في تقديم المعرض أنه تناول في أعماله السابقة مجموعة مثل سوق الجمعة، والمولد، والزهور، والثورة، والإفطار الأخير، والزار، وعزبة الصعايدة، وهو يعيد صياغة ما حمله الناس من تقاليد وعادات تشكيلياً في هذا المعرض و"ما زالت موجودة بصورة أخرى"، حيث يبحث عنها بدأب لينتصر للإنسان البسيط الذي شكّل الحضارة المصرية.

(من المعرض)
(من المعرض)

ويضيف: "قدمت رؤية لا تقف عند خط المنظور بل جعلت أبطالي يشاهدوننا من جميع الزوايا، وجعلتهم هم من يشاهدون الزائرين حتى يكونوا شهوداً، وأكون قدمت مذكراتي التشكيلية انتصاراً لهم. أنا واحد من هؤلاء البسطاء أعيد جماليات حياتهم لتصبح جزءاً من تاريخ الفن التشكيلي، وسيظل هؤلاء هم الأقرب لتصدير فكرة الآلام مثل ما تحويه حياتهم الخصبة وكل ما يتحملونه من صعاب من أجل الحياة. إنهم فوق الرأس".

يمزج الفنان بين المدرستين التعبيرية والتأثيرية في مشاهد تنزع نحو الغنائية ضمن مناخات احتفالية تبرز حالة البهجة والتفاعل بين الإنسان بمحيطه من الطيور والدُمى والحيوانات الأليفة والطائرات الورقية، مستخدماً ألواناً تبعث على الدراما والحركة في داخل اللوحة.

(مقطع من ملصق المعرض)
(مقطع من ملصق المعرض)

ويشير الناقد التشكيلي محمد كمال إلى أن القرني يؤسس هذا المشهد مستنداً إلى "محوري ارتكاز، أولهما التحريف التشريحي المحسوب الذى يقرّب العناصر الآدمية من العرائس المسرحية المنحوتة، وثانيهما نظرات الشخوص الصاعدة من أسفل لأعلى وكأنهم يحدّقون في الفنان نفسه، وهو الرباط الذى رسخ له بين ذاته والذات الجمعية بذكاء بنائي ودلالي مال من خلاله إلى السمت الجداري الذي وضع فيه إحساسه بالنسيج الشعبي المتنوع". 

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون