صوت جديد: مع مسينيسه تيبلالي

03 نوفمبر 2020
مسينيسه تيبلالي
+ الخط -

تقف هذه الزاوية من خلال أسئلة سريعة مع صوتٍ جديد في الكتابة العربية، في محاولة لتبيّن ملامح وانشغالات الجيل العربي الجديد من الكتّاب. "أظنُّ أنّنا فشلنا في أن نكون جيلاً جديداً متكامل الملامح" يقول الكاتب الجزائري في حديثه إلى "العربي الجديد".


■ كيف تفهم الكتابة الجديدة؟

- جيل شاب يكتب بمعالم جديدة، ونوازع قديمة.


■ هل تشعر بأنك جزء من جيل أدبي له ملامحه وما هي هذه الملامح؟

- لستُ أظن. كما أسلفتُ، الجديد في جيلي معالمُه، والقديم فيه نوازعه، لذا فنحنُ جيل قد يتكرّم السجلُّ الأدبي الإنساني يوماً بتسميتنا وسيطاً بين أدب الأمس وأدب الغد. فأمّا المعالم الجديدة فتكمن ربما في التلقّي، فالمعلومة والمادة في مفهوميهما المطلقين أضحتا مُتاحتَين اليوم، وتشكُّل المادّة وتخمُّرُها قبل أن تُصبح نَصّاً قابلاً للنشر لم يعودا يُشبهان في شيء ما كان عليه الأمر لدى أجيال الأمس. قد تكمن تلك المعالم في تراجُع "كهنوت" الأمس الذي كان يتشكّل من تكريس الكاتب، وصاحب العمود الثقافي في الجريدة، ومُعدّ ركن الفنون في الحصة الصباحية للراديو المحلّي، وصاحب دار النشر. هؤلاء خفتَ دورهم في صنع قرار "الشرعية". أضحى الجيل الحالي يستمدّ شرعيته من مصادر أُخرى؛ من السوشيال ميديا، ومبيعات "أمازون"، والمبادرات الافتراضية...

هناك، أيضاً، معالم أُخرى، على غرار طقوس الكتابة. جيلي لم يعد يحتاج مكتب "نجيب محفوظ" ولا دفاتر "تولستوي" في قبوه ليُدوّن فيها مخطوطته، بل يكتبُ سريعاً في حاسوبه الصغير أو هاتفه الخلوي، لا يعود إلى أوراقه المبعثرة بقلمه الأحمر ليصحّح نفسه، فالتكنولوجيا تقوم بالمهمّة. مع ذلك، أظنُّ أنّنا فشلنا في أن نكون جيلاً جديداً متكامل الملامح، فنوازع اليوم ما زالت نفسها نوازع البارحة، الهواجس كذلك، والتطلعات أيضاً. نتشارك رفقة الجيل السابق في الأفق، فالمستقبل الذي رأوه هُم لم يصبح بعدُ حاضراً في أيامنا هذه.. لذا قد نكون قد أخفقنا في التعاطي مع الأمور بطريقة مغايرة، ربما لم نُجددّ ولم نتجدّد حدّ الساعة.


■ كيف هي علاقتك مع الأجيال السابقة؟

- يوم ولجتُ عالم الكتاب والكُتّاب، لم أكُن أدرك البتّة أنّ "إشكالية" أجيال الأدب مطروحة. ويوم أوغلتُ فيه، اصطدمتُ بها، اضطربتُ حيالها قليلاً، لكنّني عدتُ سريعاً إلى سابق رأيي، فأنا قارئٌ لكتّاب قبلي وتلميذ لديهم قبل أن أشاركهم الكتابة، وإمكانية التوفيق بين التتلمذ والمزاملة ممكنة جدّاً.


■ كيف تصف علاقتك مع البيئة الثقافية في بلدك؟

- مُعقّدة للغاية. أيُّ ممارسةٍ للحياة في العالم الثالث لا يمكن أن تحافظ على نقائها طويلاً، لا يمكن أن تمارِس فنّاً محايداً ولا كتابةً بريئة، كلُّ شيء يُجَر سريعاً إلى مستنقعات السياسة أو العِرق أو المعتقد... كلُّ شيء يُصنَّف، يُقولب ويؤوّل.. التنوُّع الثقافي في بلدي يُعدّ خلافاً.

أظنُّ أنّنا فشلنا في أن نكون جيلاً جديداً متكامل الملامح

■ كيف صدر كتابك الأول وكم كان عمرك؟

- في الرابعة والعشرين من عُمري، حالفني الحظ أنْ ساهمتُ في الكتابة لمجلّة "مور أند مور" الثقافية الفرنسية. نشرتُ بصورةٍ دورية قصصاً قصيرة على شكل شريط مرسوم لنحو سنتَين. في الفترة نفسها، اشتغلتُ على عدّة نصوص في فن الرواية، واحدٌ منها فقط رأى النور بعد قرابة ثلاث سنوات من ذلك؛ إذ وفي السابعة والعشرين نشرتُ رواية "تلمود نرت".


■ أين تنشر؟

- نشرتُ في دار "الجزائر تقرأ" بالجزائر، و"بلومانيا" في مصر.


■ كيف تقرأ وكيف تصف علاقتك مع القراءة: منهجية، مخططة، عفوية، عشوائية؟

- أمّا القراءة التي ستخمر لاحقاً لتُصنّف نَصّاً روائياً، فمنهجية جدّاً قد تبلغ حدّ المنهج العلمي الصارم، خصوصاً في التعامل مع المعلومة، التاريخية أساساً، كون التاريخ مادّة كتاباتي حتى الآن. وأمّا دون ذلك، فهي قراءة شغف ومزاج... نوازع مضطربة أروّضها بقراءة طفولية.


■ هل تقرأ بلغة أخرى إلى جانب العربية؟

- أنا قادم من منطقة لا تنطق باللغة العربية في الجزائر، من منطقة القبائل الأمازيغية؛ حيثُ لا نكتسب اللغة العربية إلّا مِن خلال الدراسة. ولأسباب تاريخية محضة، فإنّ لسان المنطقة فرانكوفوني أيضاً، لذا فإن قراءتي في الأساس بالفرنسية.


■ كيف تنظر إلى الترجمة وهل لديك رغبة في أن تكون كاتباً مترجماً؟

- الحقَّ حاولتُ وفشلتُ إلى حد ما... فشلتُ لأنني أتعامل مع النص تعامل "المتكلّف"، لا المترجم المحايد و"الديكارتي".


■ ماذا تكتب الآن وما هو إصدارك المقبل؟

- إضافة إلى سيناريو سينيمائي، هنالك رواية تاريخية مُطوّلة... نصٌ كسابقه طال الاشتغال عليه كثيراً، وبحُب. هنالك مِن الأصدقاء مَن يعاتبني لمنهجي هذا الذي يجعلني مُقلّاً في الإنتاج والنشر. في كلّ الأحوال أتمناه نصّاً للسجل الأدبي الإنساني.


بطاقة

كاتبٌ وتشكيلي جزائري من مواليد مدينة القصر في بجاية سنة 1990، ويُقيم في الجزائر العاصمة. تخرّج من جامعة بجاية سنة 2011 ببكالوريوس في العلوم التجارية والمالية، وواصل تكوينه في فنون الرسم والغرافيكس والتصوير الفوتوغرافي والإدارة الفنية السينمائية. شارك في عدّة معارض فنّية فردية وجماعية، وحاز العديد من الجوائز التشكيلية؛ من بينها: "جائزة محمد إيسياخم" (2010). في 2017، صدرت له رواية بعنوان "تلمود نرت: ما غفل عنه كاليستيناس وتغافل عنه لاحقاً المؤرّخون" عن "الجزائر تقرأ".

وقفات
التحديثات الحية

 

المساهمون