صوت جديد: مع محمد رضا

05 يونيو 2021
(محمد رضا)
+ الخط -

تقف هذه الزاوية من خلال أسئلة سريعة مع صوت جديد في الكتابة العربية، في محاولة لتبيّن ملامح وانشغالات الجيل العربي الجديد من الكتّاب. "لا نجاة لنا سوى بالكتابة، نحن الذين لا حيلة لهم في هذا العالم"، يقول الشاعر اللبناني لـ "العربي الجديد". 


■ كيف تفهم الكتابة الجديدة؟

- الكتابةُ الجديدةُ مصطلحٌ واسع وفضفاض، بالعودة إلى التّاريخ والميثولوجيا، نجد أن وفرةً من الكتّاب والشّعراء اجترحوا أساليب حداثويّة في كتابتهم، في عصورٍ لم تتّسم بطابع التّجديد. الكتابة الجديدة بالنّسبة لي هي كتابة شخصيّة جدًا، تسيلُ كدعابة ولا يسع المرء حيالها إلا أن يقف ويتأمّل جوانب حياته المغيّبة والمتوارية. باختصار هي كتابةٌ ذكيّة وخبيثة في آن، لا تخلو من السخريّة والتّهكُّم، بعد كلّ الأزمات التي عايشها ويُعايشُها الفردُ أو "الفنّان بصفته نموذجًا للإنسان المعذّب".


■ هل تشعر نفسك جزءاً من جيل أدبي له ملامحه وما هي هذه الملامح؟

- التجربةُ الإنسانيّة واحدةٌ، وكلُّ جيلٍ لديه ما يرويه ويقصّه ويخبرُ عنه، ولهذا فإنّ عالمَ الأدبَ واسعٌ ومفتوحٌ أمامَ الكثيرِ من المسالكِ والدّروب. لا أخفي أنني أشتركُ مع بعض الشّابات والشّبان في نمطٍ معيّن من الكتابة ألا وهو قصيدة النّثر، مع أنني لا أؤمن بفكرة الأجيال الأدبيّة، وأشعر أن من يطّلع على هذا النّوع من الكتابة سيفهم وسيرى العوالمَ التي يتأهلّها من يتخذُ قصيدةَ النّثر مسكنًا منمنمًا له.


■ كيف هي علاقتك مع الأجيال السابقة؟

- ثمّة شعراء وكتّاب كُثر، أحترمهم بشدّة وأقرأ لهم بحبّ وافرٍ ودهشة، وآخرون لا يعنونني في شيء. كلّ الكتّاب معلّمون سواء أحببناهم أم لم نفعل، ومن المهمّ الاطّلاع على كافةِ التّجارب الأدبيّة والفنيّة، بما يخدمُ الذّاكرة الجماعيّة والخبرات الفرديّة.

أبحث دومًا عن الكتاب الذي يجعلُ أصابعي ترتخي، ولا يهمّ صراحة من كتبه، للكتب دومًا عادات أخرى.


■ كيف تصف علاقتك مع البيئة الثقافية في بلدك؟

- لا أفهم جيدًا ما نرمي إليه بقولنا "البيئة الثّقافية"، يمكن أن أجيب بأني حاضر نسبيًا من خلال نشري لبعض القصائد والتّرجمات في بعض الصحف والمواقع العربيّة وأتفاعل دومًا مع كافة التّجارب وأتابعها بصمت وحيطة. أعيش حياة داخلية وشخصيّة جدًا، يعززها غيابي عن مواقع التواصل الاجتماعي. في النهاية الكتب تصل ببطء، وأنا أحب كثيرًا هذه الرحلة التي نقطعها في الكتابة.

كلّ لغة تصل إلينا ناقصة، إن لم تكن أوّل كلمة هي "أمّي"

■ كيف صدر كتابك الأول وكم كان عمرك؟

- للإنصاف، وبكثير من الاحتضان من بعض الأصدقاء،  صدرت مجموعتي الشعريّة الأولى، مطلع هذا العام تحت جناح دار النّهضة، ضمن سلسلة شعريّة مميّزة وأتَتِ المجموعة بعنوان "لا ماءَ يكفي الغرقى" وكنتُ في التاسعة عشرة من عمري.


■ أين تنشر؟

- في بعض المواقع والصُّحف العربيّة التي أؤمنُ بدورها الفاعل في مجالي النّشر والكتابة.


■ كيف تقرأ وكيف تصف علاقتك مع القراءة: منهجية، مخططة، عفوية، عشوائية؟

- الشيء الوحيد الذي آسف عليه حقًا، أنّه لن يتسنى لي الوقتُ الكافي لقراءة كلّ الكتب التي أودُّ قراءتها. لا أخرج بدون كتابٍ في جيبي، والوحدة تعني إمّا كتابًا أو الموت، على حد تعبير دوراس. أعتقد أنّنا أكثر صدقًا حين نقرأ كتابًا ما بوعيٍ متألّم، والقراءة تعني أن تمتلك روحكَ. لكننّي حزينٌ أنّ الكتبَ صارت باهظة الثمن ويصعب الحصول عليها دون دفع مبالغ طائلة.


■ هل تقرأ بلغة أخرى إلى جانب العربية؟

- أسكنُ لغتي الحلوة، وأحبّها بقسوة وتفرّد، لكنني أقرأ كثيرًا باللغتين الفرنسية والإنكليزيّة، لأنني مهتم باللغات، وبتاريخها وتطورها. كلّ لغة تصل إلينا ناقصة، إن لم تكن أوّل كلمة نطقناها هي "أمّي" وبهذا نعيش دومًا في معاجم مموّهة ومبتورة.


■ كيف تنظر إلى الترجمة وهل لديك رغبة في أن تكون كاتباً مُترجماً؟

- أترجمُ قصائدَ بعض الشّعراء الّذين أحبّهم بين الفينة والأخرى وأنشر ترجماتي في منصّات مختلفة. لا أعلم ما إذا كنت أودّ أن أكون كاتبًا مُترجَمًا في ما بعد، على الأقل أنا سعيد بما أملك في اللحظة هذه، وأحترم المترجمين كثيرًا، وأقدّر جهودهم.


■ ماذا تكتب الآن وما هو إصدارك القادم؟

- طوال هذه الفترة كنت منكبًّا على مجموعة قصصيّة للأطفال، وأحاول أن أدفع بها إلى النّشر، أتمنى أن تسير العملية بخير.

المهم ألا نتوقّف عن الكتابة، لأنه لا نجاة لنا سوى بها، نحن الذين لا حيلة لهم في هذا العالم.


بطاقة

شاعر ومترجم لبناني من مواليد عام 2000 في البابليّة – صيدا (جنوب لبنان). صدرَ له مجموعة شعريّة واحدة بعنوان "لا ماءَ يكفي الغرقى" عام 2021. يترجمُ قصائدَ مختلفة عن الفرنسيّة والإنكليزية، ويتابع دراسته للغة العربيّة وآدابها في الجامعة اللبنانيّة.

وقفات
التحديثات الحية
المساهمون