تقف هذه الزاوية من خلال أسئلة سريعة مع صوت جديد في الكتابة العربية، في محاولة لتبيّن ملامح وانشغالات الجيل العربي الجديد من الكتّاب. "كتاباتي مُعلَّقة بين أكاديميا أوروبية ومناخ ثقافي مصري عائم بين العديد من المنصات الإلكترونية"، يقول الباحث المصري لـ"العربي الجديد".
■ كيف تفهم الكتابة الجديدة؟
- إذا كنت تعني بـ"الكتابة الجديدة" الكتابة المعاصرة أو المُستحدَثة، فأظنّها تتكوَّن من عدة ظواهر تحتاج إلى دراسة اجتماعية وجمالية شاملة، مثل صعود أدب الـ"بِست سِلَر"، والرعب والإثارة، أو انتشار الكتابة على المنصات الإلكترونية. ولكن إذا كنت تعني بـ"الكتابة الجديدة" فعل الكتابة الذي يُحدِث ما هو جديد - أي الكتابة "المُجدِّدة" بمعنى أدقّ - فأراها ممارسة فكرية تثقُب ساحة الخطاب المهيمن، سواء كان قديماً أو حديثاً.
■ هل تشعر نفسك جزءاً من جيل أدبي له ملامحه وما هي هذه الملامح؟
- لا أشعر نفسي جزءاً من جيل أدبي بمعنى "أدباء الستينيات" أو "أدباء التسعينيات" في مصر، ففي الحالتين، كانت هناك علاقات أدبية واجتماعية تربط أعضاء الجيل بعضهم ببعض. كتابتي مُعلَّقة بين سياق أكاديمي أوروبي حيث أعمل مدرّساً جامعياً، ومناخ ثقافي مصري عائم بين العديد من المنصات الإلكترونية، والتي تختلط فيها الأجيال والأذواق والموضوعات.
نقاشات جيل التسعينيات في مصر أثرتني أدبياً وفلسفياً
■ كيف هي علاقتك مع الأجيال السابقة؟
- هناك علاقة نَسَب مباشرة، بما أني ابن مي التلمساني ووليد الخشّاب، وهما جزء مما يُسمّى بـ"جيل التسعينيات" في مصر. بحكم نشأتي، تعرّفت إلى العديد من أعضاء هذا الجيل، وأثَّرت نقاشاتي معهم في درايتي وعلاقتي بالمناخ الثقافي المصري والعربي، كما وجَّهت تلك النقاشات بعض اهتماماتي الأدبية والفلسفية، ولكني لا أشعر بتأثيرهم المباشر في أسلوبي الشخصي.
■ كيف تصف علاقتك مع البيئة الثقافية في بلدك؟
- أعيش بين ثلاثة بلدان، فقد نشأت في مصر وتعّرفت إلى بيئتها الثقافية عبر والدي ووالدتي، ثم درست في مونتريال وأوتاوا بكندا، ثم حضرت رسالتي للدكتوراه في "جامعة أكسفورد" بإنكلترا، حيث أعمل حالياً أستاذاً مساعداً في الأنثروبولوجيا البصرية. علاقتي بالبيئة الثقافية الكندية والبريطانية هي علاقة أكاديمية بحتة، أما بحكم نشري المستمرّ في الجرائد والمجلّات والمنصات المصرية، فأظنّ أن علاقتي بالحالة الثقافية في بلدي الأم أوسع وأعمق وأوطد عموماً.
■ كيف صدر كتابك الأول وكم كان عمرك؟
- صدر كتابي الأول باللغة الإنكليزية عام 2021 عن دار "الجامعة الأميركية" بالقاهرة، وكنت أقترب من الثلاثين من العمر. عنوان هذا الكتاب "صناعة السينما في مصر" (Making Film in Egypt)، وهو بحث إثنوغرافي عن علاقات العمل واستخدام التكنولوجيا في صناعة السينما المصرية المعاصرة، ونَبَع من رسالتي للدكتوراه. أما كتابي الأول باللغة العربية (العامية المصرية)، فهو مقدمة مُبسَّطة لمئة وعشرين مفهوماً في الفلسفة وعلوم الاجتماع عنوانه "الفهَّامة"، وصدر عن "ديوان للنشر" أواخر العام الماضي.
■ أين تنشر؟
- نشرت باللغة العربية (الفصيحة والعامية)، في العديد من الجرائد والمجلّات والمواقع الثقافية مثل "إبداع" و"أخبار الأدب" وموقع "الكتابة"، وموقع "باب مصر"، وكذلك نشرت باللغة الإنكليزية في العديد من المجلّات العِلمية، وغير العِلمية المعنيّة بالأنثروبولوجيا، والدراسات السينمائية، ودراسات الشرق الأوسط. وقبل أن تصبح كتاباً، كانت سلسلة "الفهَّامة" تُنشر على موقع جريدة "التحرير المصرية"، وموقع "بورنغ بوكس" (كتب مملّة)، الذي أواصل النشر والترجمة فيه بين الحين والآخر.
■ كيف تقرأ وكيف تصف علاقتك مع القراءة: منهجية، مخططة، عفوية، عشوائية؟
- علاقتي مع القراءة عشوائية في إطار منهجي، حيث تقع اهتماماتي الشخصية والفكرية في مجالات منهجية بعينها – مثل الأنثروبولوجيا البصرية، والتاريخ المصري والنظريات الاجتماعية ونظريات ما بعد الاستعمار – ولكنني أختار ما أقرأه عشوائياً داخل تلك المجالات، وطالما وقعت قراءتي في هذا الإطار لكانت مفيدة ومُغذّية لمشروعاتي الجارية.
■ هل تقرأ بلغة أخرى إلى جانب العربية؟
- نعم، أقرأ بالإنكليزية والفرنسية، وأحياناً بالإسبانية والفارسية بحكم أبحاثي الأكاديمية. إنما معظم ما أقرأه للاستمتاع الشخصي فهو بالعربية أو بالفرنسية.
■ كيف تنظر إلى الترجمة وهل لديك رغبة في أن تُتَرَجم أعمالُك؟
- الترجمة هي عنصر حيوي للإنتاج المعرفي. لا داعي لذِكْر التاريخ الطويل للتبادُل الفكري عبر الترجمة، بين الإغريقي والعربي مثلاً أو العربي واللاتيني قبل عصر النهضة. إلى الآن، يظلُّ عبور القصص والمفاهيم عبر اللغات من أساسيات تطويرها وازدهار المناخات الثقافية التي تُثرَى بهذا التبادل. آملُ أن تُترجم أعمالي بالطبع، وتحديداً أن تُترجم أعمالي المكتوبة باللغة الإنكليزية إلى العربية، حتى يستفيد القارئ العربي بالنتائج البحثية التي توصّلت إليها.
■ ماذا تكتب الآن وما هو إصدارك القادم؟
- أعمل على كتاب بحثي عن تاريخ وزارة الثقافة المصرية ودورها في تشكيل فكرة الدولة بعد الاستعمار. أرجو أن يصدر هذا الكتاب خلال العامين القادمين، ولكني آمل أن أنشر منه بعض الأجزاء قبل صدوره.
بطاقة
شهاب الخشّاب كاتب وباحث من مواليد القاهرة عام 1991، نشأ في كندا ويُقيم في إنكلترا، حيث يعمل حالياً أستاذاً مساعداً في الأنثروبولوجيا البصرية بـ"جامعة أكسفورد". أصدر كتابين أحدهما "Making Film in Egypt" (صناعة السينما في مصر)، عن دار "الجامعة الأميركية" بالقاهرة (2021)، و"الفهَّامة" عن "ديوان للنشر" (2022).