مطلع هذا العام، أصدر الناقد الفنّي المصري ياسر منجي كتاباً بعنوان "صفوت عبّاس" (دار الكرمة)، دوّن فيه دراسة نقدية حول تجربة التشكيلي المصري، وجمع فيه شهادات نقدية وشخصية حول مسيرته، إلى جانب وثائق من أرشيفه وصور عديدة للوحاته.
التشكيلي الراحل (1931 - 2014) هو أيضاً محور المعرض الاستعادي "تحيّة إلى صفوت عبّاس"، الذي افتُتح أوّل من أمس الأربعاء في "غاليري أوبونتو" في العاصمة المصرية، ويستمرّ حتى الثالث والعشرين من أيار/ مايو الجاري.
يضمّ المعرض مجموعةً من الأعمال التي تضيء على نحو ستّة عقود من اشتغالات عبّاس، الذي درس في "كلّية الفنون الجميلة" في القاهرة (1959) وعمل لسنوات طويلة مسؤولاً عن الإخراج الفنّي والأغلفة في عددٍ من المؤسّسات الحكومية الثقافية الرسمية، مثل "الهيئة العامّة للكتاب"، إلى جانب مواصلته الرسم وإقامته المعارض داخل مصر وخارجها (برمنغهام، باريس، بون...).
تتمحور أغلب اللوحات، في مواضيعها، حول الوجوه والبورتريهات والأجساد النسائية، التي تُعَدّ واحدة من الموضوعات الرئيسية في تجربة عباس. لكنّ تكرار الحضور النسائي في الأعمال لا ينطبق على الكيفية التي يتجلّى فيها هذا الحضور، حيث تختلف اللوحات بشكل كبير في مقارباتها التقنية: بين أعمال شديدة التقشّف باللون والتفاصيل، حتى كأنّنا بها صورة سالبة للقطة فوتوغرافية، إلى أعمال ضاجّة بالألوان والترسيمات التي تبدو وكأنّها تلاحق موديلاً حقيقياً ترغب في تصوير كلّ تفاصيله.
كما يبرز في اللوحات المعروضة مَيل الفنان إلى تعديل الأبعاد الحقيقية للأشكال التي يصوّرها، مثل أعناق وأنوف النساء التي يمنحها جانباً ممشوقاً أحياناً، ومفرطاً في الطول والدقّة بعضَ الأحيان، أو الأعين التي يرسمها مائلة وشبه منغلقة ــ وكلُّ هذه العناصر تذكّرنا بأسلوب الرسّام الإيطالي أميديو موديلياني (1884 ــ 1920).
يشمل المعرض الاستعادي جانباً توثيقياً، حيث تُعرَض مجموعةٌ من ملصقات المعارض التي أقامها أو شارك فيها الفنان، إلى جانب كُتيّبات حول أعماله وتجربته رافقت تلك المعارض، وبطاقات دعوة، ومقالاتٍ كُتبت حول لوحاته بالعربية أو بلغات أُخرى.